يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

خير جليس في الأنام كتاب

نشر في موقع يلا تغيير

هذا ما قاله المتنبي ومن بعده قال أمير الشعراء أحمد شوقي
أنا من بدل بالكتاب الصحابا ---- لم أجد لي وافيا إلا الكتابا
صحبة لم اشك منها ريبة---- ووداد لم يكلفني عتابا
البعض يقول لو عاش المتنبي وشوقي في زماننا هذا هل كانت ستتغير فكرتهما عن الكتاب ويصبح الكمبيوتر وشبكة الأنترنت الجليس والأنيس.

أنا ضد هذا الكلام وأرى أن الكتاب لازال له سحره الخاص مهما تطورت أدوات المعرفة وتغيرت فلن تكون إحداها بديلا عن الأخرى ، فمثلا حين أخترعت السينما قيل لقد انتهى المسرح ، وعند اختراع التليفزيون قيل لقد انتهت السينما ، وعندما اخترع الفيديو قيل انتهى التليفزيون ، لكن بمرور الوقت تبين أن لا شئ ينهى شيئا فى دنيا المعرفة ، ولا وسيلة تصبح بديلا عن وسيلة أخرى ، لذلك أنا اؤمن بأن الكتاب الورقى لن يكون له نهاية كما يؤمن مثلى الكثيرين والدليل على ذلك خروج الكثيرين متحملين زحمة الشوارع وبرودة الجو وربما أمطاره متجهين إلى أرض المعارض قاصدين معرض الكتاب، بهدف اقتناء نسخة من كتب علمية أو رواية أو مجموعة قصصية أو ديوان شعر ، تحمل توقيع هذا الكاتب أو ذاك الشاعر مثل ما كان يفعل ناشرنا الراحل محمد مدبولى الذى أدين له بنشر كتبى حيث كان رحمه الله يجمع الكتاب والشعراء الجدد الذين نشر لهم فى حفل توقيع كتبهم كل عام فى المعرض، إلا أننى لم اشارك هذا العام لأن كتابى الجديد لم يصدر بعد كما لم تعد تجرى دار نشره هذا التقليد من المعرض الماضى 2009 حيث رحل عن عالمنا قبل المعرض بشهر حيث توفى فى 5 ديسمبر 2008 ، إلا أننى سأشارك فى المعرض هذا العام كضيف لحفل توقيع ديوان أحد الشعراء الأصدقاء وسأزور أجنحة بعض دور النشر لأقتنى بعض الكتب التى ربما أجد بين دفتى أغلفتها ما يخفف عنى عناءات كثيرة .

عن الحب


نشر في موقع يلا تغيير
يقولون أن الخريف أجمل فصول السنة بسبب غروب شمسه الرائعة وألوان أوراقه الجميلة وتغير طقسه التدريجي من الحر إلى البرودة، ويطلقون عليه أيضا فصل الرومانسية نظرا للوحاته الطبيعية الجذابة، كما غنت له السيدة فيروز ورقوا الأصفر في ترحيب منها بقدومه، حيث تلون أوراق الشجر بأجسادها الطرقات لترسم لوحة خريفية تشع ذهبا فيدوسها المارة أثناء عبورهم مستمتعين بصوت أنينها الخفي، ثم يمضي الخريف ويأتي من بعده الشتاء، ويأتي فيه عيد الحب الذي سمي على اسم القديس فالنتاين.
والحب هو الصبر والقناعة والمشاركة والعطاء والتضحية، ومن لا يستطيع تحقيق إحداها عليه ألا يلوث هذه الكلمة المقدسة، هذه الكلمة التي لها مفعول السحر التي تفتح أبوابا مجهولة وتغلق أبوابا معلومة، التي تمنح حاملها قوة وإرادة تجعله يفعل المستحيل ويقف في وجه الأعاصير ويتحدى العالم، ولكن للأسف اليوم تناسى العشاق السلوك الرومانسي واقتصروه على الكلام فقط وأصبحت كل الأفلام والأغاني القديمة رومانسية، وأصبح الشاب الذي يريد أن يتعرف إلى فتاة لا يعرف من وسيلة ليبين حبه إلا لقاء يقول فيه من كلام الحب ما شاء، وأصبح اللقاء هو الوسيلة الوحيدة واختفى لقاء الشباك كأن يمر المحب تحت شباك محبوبته لتمنحه نظرة حب من غير كلام بينهما كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي :
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك
واختفت أيضا رسائل العشاق وما تحمله من أثر من المحبوب فقد كانت الرسائل بين أيدي المحبين، عطرهم عليها وأنفاسهم فيها تعبىء المساحة المحيطة بالرسالة وأثار أصابعهم فيها وخطهم عليها، كل ذلك اختفى ولم يشعر البعض بالأسى على فقد الرومانسية، ولكن يبقى الحب الأول وإن تعدد هو الأقوى، فأول حب هو أجمل حب لا يمكن أن ننساه مهما يمر عليه من الزمن ومهما عانينا منه وبه وفيه، ننسى كل التجارب التي جاءت بعده إلا هو يظل ناقوسا يدق في عالم النسيان، فالحب الأول هو انفتاح القلب لأول مرة على مشاعر جميلة تجمع بين الفرح والحزن والراحة والمعاناه والصبر والتسرع، يجمع بين كل المتناقضات وكل المشاعر التي تمتد من الصباح حتى المساء وبالعكس، ولا أعتقد أن هناك شخصا لم يمر بهذه التجربة ولو من طرف واحد ولم يتجاوز مراحل الحب الأول، ولو كان صمتا ولم يتم التعبير عنه، فكثيرين أحبوا مرة واحدة وظلوا أوفياء لحبهم حتى رحيلهم، وكثيرين تزوجوا وربما أكثر من مرة لكنهم لم يستطيعوا نسيان ذكريات الحب الأول وظلوا يترددون على بيت الحبيب الأول، يبكون على الأطلال يعود بهم الزمان للوراء فيبتسمون ويتألمون في الوقت ذاته.
وكثيرين دمروا حبهم بسبب الإفراط فيه، وكثيرين صدموا بحبهم بسبب خيانة، وكثيرين رضوا بأن يكونوا البديل لكي يبقوا بقرب من يحبون، فأقول لمن يفرطون بحبهم كي لا يخسرونه، لا تكرروا أخطاء الحب بسذاجة ولا تصدقوا أن أصابع اليد ليست واحدة فأحيانا تكون واحده وطبق الأصل، ولا تعرضوا أحلامكم الجميلة للبيع فلن يعرف قيمتها وسعرها الحقيقي إلا أنتم فالأحلام باهظة الثمن لدى أصحابها فقط، ولا تظنوا أن لون الحب مازال أبيض وأن الورد الأحمر مازال رسول الحب، ومن الأفضل أن تحرقوا صورة في قمة جمالها قبل أن تنالوا موقف منها، فالصور المحترقة أجمل بكثير من الصور المهزوزة، ولتعلموا جيدا أن من يتنازل عن كرامته بأسم الحب يتنازل مع الوقت عن كل شيء حتى الحب، فلا تجعلوا الحب أقصى أمانيكم ولا تطمحوا إلى حب بلا أمان لأن الأمان كالنسب للحب، فالحب بلا أمان كطفل الحرام يلقى على قارعة الطريق لا مستقبل له ولا هوية.
وأقول للذين خدعوا في حبهم قبيحة جدا الخيانة فإذا لمحتوها يوما في وجه ما فلا تتجاهلوها، فالإ حتفاظ بالخونة كالإحتفاظ بجثة عفنة مهما نجحنا في اخفاء ملامحها سنفشل في إخفاء رائحتها، وإن كانوا أقل منكم قامة فلا تنحنوا لهم فيروا كل الواقفون خلفكم ولا يروكم، وإذا أردتم أن تبقوا صورهم ملونة فلا تلعبوا معهم تحت مطر المواقف، فمطر المواقف يزيل أصباغ القلوب قبل أصباغ الوجوه بمراحل.
وإلى كل من رضوا بأن يكونوا بدلاء، البعض عند إفاقتهم من جرح أو صدمة ما يسعون إلى البحث لا شعوريا عن غاية يبررون بها الوسيلة لكنهم نسوا أن الوسيلة ربما تلوث الغاية، تدفعهم إلى ذلك حالة فقد مؤلمة فعندما يشتد بهم الألم ويتضخم بهم الفراغ ويفشلون بالنسيان، وعندما ينزفون من الغدر ويتعمق بهم الجرح وينال منهم الخوف ويرغبون بالإنتقام، يسعون إلى البديل وفي الأغلب وربما دائما هناك بديل تضعه الظروف في طريقهم، ومع البديل تتعدد شخصياتهم فيبدأون بالشخصية الجريحة، يلقون على البديل ما يطيق وما لايطيق من قصص سابقة فهم في الأغلب لايهتمون بإحساس البديل ولا يتساءلون عن مصيره بعد الإنتهاء من مرافقته لهم أثناء رحلة شفائهم من قصتهم الجريحة، وليس دائما البديل أخر من يعلم فأحيانا يعلم، لكنه يغمض عينيه ويسد أذنيه ويستمر بدور البديل بكامل إرادته وطيبته وإنسانيته وربما لايفقد الأمل أبدا في أنه ذات يوم قد ينال دور البطولة في قصة جرح بدأها كبديل، ولكن النهايات لا تشبه البدايات دائما فقد تنقلب الكذبة إلى حقيقة والخيال إلى واقع وتتحول قصة البديل مع الوقت إلى جرح أخر وهزيمة أخرى تضاف إلى هزائم القلب المكسور.
نحن الغارقون المبتهجون بالماء المالح لا نطلب من أحد طوق نجاة أو يدا أو مركبا، نحن لانستغيث اتركونا نغطس في صمت اتركونا نغرق بسلام.

العشاق لا يتزوجون


نشر في موقع يلا تغيير

استوحيت عنوان هذا المقال من اسم المجموعة القصصية الرائعة للأديبة والصديقة العزيزة الكاتبة هدى حسين، التي قرأت لها الكثير من رواياتها وقصصها وكان أخرها العشاق لا يتزوجون.
هناك عشاق كثيرين لا يتزوجون فالبعض يحب ويعشق من دون أن يتزوج، والبعض يحب عمله أكثر من أي شيء ويكون هو عشقه، ومنهم نيوتن الذي كان مشغولا طول وقته بالعلم من دون أن يفكر بحب إمرأة، وأنيشتاين صاحب نظرية النسبية الذي اعتبر أن الزواج يقيد المبدع بالإلتزامات التي تشغله عن الإبداع، وكان أيضا الفيلسوف عبد الرحمن بدوي من المبدعين الذين لم يتزوجوا.
أما الذين أحبوا ولم يتزوجوا فمنهم الأديب عباس محمود العقاد الذي أحب ثلاث مرات ولم يتزوج، الأولى مي زيادة والثانية أليس داغر والثالثة كانت الفنانة مديحة يسري، وله مقولة شهيرة إن الناس الذين يشيرون إلي بأصابعهم لا يعلمون أني أشقى الناس وأتعسهم، كما أحب الشاعر جبران خليل جبران مرتين ولم يتزوج الأولى ماري هاسكل والثانية مي زيادة، ومن أجمل قصص من أحبوا قصة حب الرسام الفرنسي لاجار، الذي كان صديقا لبيكاسو ولم يكن بشهرته لكنه لم يكن أقل منه موهبة، الذي أحب وماتت حبيبته وعاش في عزلة بسبب الحب وخرج أيضا من عزلته بسبب الحب، ونال لاجار شهرة بسبب حبه لا فنه.
واليوم تغير الحب والعشق ففي زماننا هذا كل شيء يتغير، فعندما نسمع قصيدة الشاعر نزار زيديني عشقا زيديني يأحلى نوبات جنوني.. نتعجب، نحن نتعجب يانزار لأننا كلما طلبنا منهم أن يزيدوننا عشقا زادونا خذلانا وحزنا، فنوبات الجنون في نظرهم قلة عقل وكلمات الحب في اعتقادهم قلة حياء والمبادرة بالأشواق وقاحة والكرم عبط، والحب الشديد لهم والأخذ برأيهم والعمل على إرضائهم يعتبرونه ضعف شخصية، فالويل كل الويل لمن يعشق في هذا الزمان بنقاء، فنحن أصبحنا ندفع ثمن كل شيء يانزار حتى المشاعر، فنحن نحاول أن نضع على رؤسهم التيجان لكن نكتشف أن رؤسهم غير مؤهلة كي يكونوا ملكات، فعندما نفتح لهم الأبواب يرفضون الدخول والذين يقفلون الأبواب في وجوههم يدخلون إليهم من النوافذ، فخيانات هذا الزمان يلونونها ويزخرفونها ثم يرمون فرشاتهم وألوانهم بعد أن يفرغون من تلوين أحزاننا، أصبحت قلوبنا بالنسبة لهم أرخص ما يمكن أن يلقى به من السفينة إنقاذا لهم من الغرق، ثم نعود ونستمع إستعجلت الرحيل ورحلت في غير أوانك، لا هم لم يستعجلوا الرحيل ولم يرحلوا قبل أوانهم وليتهم استعجلونه وليتهم رحلوا قبل أوانهم، قبل أن يسمعوا صوت تكسر أجنحتنا كلما طرنا خيالا إليهم، قبل أن يعتاد القلب عليهم ويصبحون دقاته، قبل أن يصبح الرحيل كطعنة الفجأة والموت المفاجيء، قبل أن يتحول الرحيل إلى خيانة كبرى وجريمة أكبر، ليتهم استعجلوه قبل أن يربطوا أعناق عمرنا بحبالهم، فكلما ابتعدوا اختنق العمر، فمنذ أحببناهم ونحن نجري في سباق، سابقنا من أجلهم الأيام والأحلام والأحزان والمستحيل، منذ عشقناهم ونحن في صراع مع كل شيء صراع مع الظنون والخيال والغيرة وحتى النوم، وها نحن نغادر ميدان الصراع ولم نمت؟ أجل لم نمت! لكننا غادرنا الميدان واهنون، غادرنا الميدان ونحن نقول أن الطعنة لم تقتلنا بل زادتنا قوة! لكن في الحقيقة الطعنة التي لم تقتلنا كسرتنا، وإن انكسار الصدمة عظيم وانكسار الفراق أعظم.