يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

الدين لله والوطن للجميع






نشرته في اليوم السابع وأخبار يوم بيوم وجريدة المواطن

لا شيء يعادل حب الوطن، ومهما نتغرب وتجبرنا الظروف على الاستقرار في أماكن أخرى بعيدة عن وطننا وأجمل منه بمئات المرات، إلا أننا نظل في حنين دائم للعودة له، وكم نتمنى أن نموت وندفن فيه.

من لا يحب وطنه يشعر بأنه ينقصه شيء، فالوطن يكمل وجودنا في هذه الحياة، والشعور بحب الوطن فطرة فينا، فحين نسافر إلى أي بلد ونشاهد مطعماً للأكلات بلدنا نشعر بالفخر، وحين نشاهد أحد أبناء الوطن ونعرفه من اللهجة، فإننا ننجذب للحديث معه من غير سابق معرفة، وتكفي معرفة مصر وترابها الذي جمعنا يوماً، وماء النيل الذي شربناه معاً، إن حب الوطن فطرة في النفوس الزكية الطاهرة التي لا تبحث عن سبب لهذا الحب حتى تبرره. 

فمصر ليست المكان الذي نرتاح فيه، بل هي أكبر من كل راحة تتعلق بالأسباب المادية أو الأمنية أو الاجتماعية، وهذا لا يقاس بالمعايير الجغرافية أو التاريخية أو سواها، إنه أمر يتعلق بالروح، ومن يعرف سر الروح يعرف سر الوطن.

مصر ليست علماً ونشيد وطني، هي مسألة روحية تجعلنا نعشق كل شيء يرمز إليها، فالعلم قطعة قماش نفصلها على المقاس الذي نريده، لكننا نشعر بأعماقنا أنه شيء مقدس، وبأننا مستعدون للموت في سبيل أن يبقى مرتفعاً خفاقاً، وكلما ارتفع وخفق أكثر نشعر بالفخر والعزه، ونحاول بذل كل ما يمكننا من أجل أن يبقى مرفوعاً، وحين نحقق إنجازاً في أي مجال وفي ذروة الفرح ولا إرادياً، نرفع علمنا ونقبله.

قطعة قماش ألوانها متوفرة، نلبس هذه الألوان الأربعة في ملابسنا من قمصان وتي شيرتات وبناطيل... و لكن الألوان لا تأخذ قدسيتها وهيبتها إلا عندما تجتمع مع بعضها، فحين يجتمع الأحمر والأبيض والأصفر والأسود تختلف الأمور والمشاعر ويختلف كل شيء، لأن هذه الألوان هي رمز مصر، التي لو  سؤل أي أحد منا وهو في قمة سعادته، ماذا تحب أن تقدمه لمصر، لأجاب وأنا منهم.. أرواحنا.

وعن حب الوطن قالوا:
ـ ليس من حرم للفضيلة مثل الوطن.. إدوارد إفرت
ـ الوطن هو المكان الذي نحبه، فهو المكان الذي قد تغادره أقدامنا، لكن قلوبنا تظل فيه.. أوليفر وندل هولمز

بنت البلد الجدعة







 نشرته بالبديل وأخبار يوم بيوم والمواطن
حين يرحلون، نتمنى لهم الرحمة، لكن يؤلم قلوبنا جداً أن نتبع أساميهم برحمهم الله، فرحمك الله يامعالي عبد الله المنياوي.. هكذا فضلت أن تحمل اسم عائلة والدتها للاستفادة من شهرة العائلة الفنية الكبيرة، كان أول لقائي بها عام 97 في إحدى شقق العجوزة أثناء تصوير مسلسل "أم العروسة" حيث كان من بطولتها مع الفنان حسين فهمي، وكنا بعدها سننتقل إلى فيلا بمنطقة مزارع شبرمند، لنتابع تصوير بعض مشاهد المسلسل هناك، وكانت وسيلة النقل هي ميكروباص تويوتا، وحين نزلنا لنركب وسيلة الانتقال كان معنا ممثلة شابة صغيرة رفضت أن تكون هذه هي وسيلة الانتقال وطلبت من الإنتاج توفير سيارة خاصة لنقلها، فنانتنا المتواضعة أقنعتها "انها تيجي على نفسها" بما إننا كلنا سنركب ونتجه لنفس المكان، واقتنعت الممثلة الشابة ورافقتنا على مضض، ومن هنا اكتشفت كم هي متواضعة، وبعدها بعام التقينا مجدداً في مسلسل "لعبة وقلبت جد" حيث كان يشاركها البطولة الفنانون، أحمد بدير ومحمود الجندي وسماح أنور،  وعلى مدار أيام التصوير كانت تجمعنا جلسات  الاستراحة وشرب الشاي لحين الإعداد للمشاهد التالية، وكانت هي حنونة ومتواضعة وطيبة جداً تناقشنا في جميع المواضيع، وتساعدنا في تجهيز مشاهدنا، وأذكر في أحد الأيام كان لها مشهد خارجي مع الفنان أحمد بدير في مدخل إحدى العمارات على كورنيش الزمالك، وكانت هي العمارة التي تسكن فيها الفنانة الراحلة هند رستم، وكنا نحن في استديو عرين الذي يجاور كلية الفنون الجميلة بالزمالك، وكانت في الاستديو تستعد لتصوير مشهدها الخارجي، حيث سترتدي فستان زفاف وطرحة، وبعد الانتهاء من المكياج قالت لمسؤلي الانتاج الأستاذة غزال الشال وعبد العزيز صقر أنا جاهزة، وهنا ظهرت على وجههما علامات التوتر حيث أن السيارة  التي ستنقلها لموقع التصوير تأخرت في توصيل أحد الممثلين وهم بانتظار عودتها، وكان المخرج ابراهيم الصحن رحمه الله، هو والفنان أحمد بدير وبعض من فريق التصوير في شقة الفنانة هند رستم بانتظارها، كي يتم تصوير المشهد في مدخل العمارة حيث سيظهر خلفهم الشارع والسيارات والمارة، ومضى من الوقت 15 دقيقة ولم تأتي السيارة، هنا تدخلت انا وطلبت منها أن نذهب بسيارتي بما أن المكان قريب من الاستديو، فقالت "يلا بينا" فركبت بجانبي وقطعنا المسافة في 10 دقائق، وأثناء سيرنا في الشارع كانت الناس تلمحها وهي مرتدية فستان زفاف فيلتفتون بحثاً عن الكاميرات فلا يجدوها، فمنهم من يقول لها ألف مبروك فتضحك، ومنهم من يسألها من الذي بجانبك، فتجيبهم ضاحكة ابني، فنضحك معاً، كانت طيبة بكل معنا الكلمة.

بعدها توطدت صداقتنا طول أيام التصوير، فكانت تحكي لنا دائماً عن طفولتها وعن بيت جدها، البيت الكبير بحي السيدة زينب الذي  يضم 8 غرف وصالة كبيرة جداً، ففي ذلك البيت ولد وتربي أحد عشر ولدا وبنتا، هم آمال زايد والدتها وجمالات زايد والصحفية مهجة زايد والسيدة مواهب زايد خالاتها، وأخوالها المنتجين محمد زايد ـ  ممدوح زايد ـ مختار زايد ـ مطيع زايد ـ محسن زايد...

وكانت تحب الإفطار الرمضاني السنوي الذي كان يقيمه خالها المنتج الراحل محمد زايد الذي كان سبباً في أن تمتهن العائلة التمثيل والانتاج، ويجمع فيه كل أفراد العائلة، كما أنه لم يكن أحد  يتخلف عن الليلة الكبيرة في مولد السيدة، الذي كانت أبرز معالمه بالنسبة لها أرغفة اللحم المحمر وأطباق الفول النابت، وبعد وفاة محمد زايد استمر المنتج مطيع زايد في إقامة الإفطار الجماعي والمولد سنويا.

والدتها آمال زايد شاركت في أعمال أكثر منها "شيء من الخوف" في دور أم النجمة شادية، وأمها أيضاً في فيلم "عفريت مراتي" لكن الدور الأبرز كان "أمينة" زوجة السيد أحمد عبد الجواد "سي السيد" في ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة التي قام ببطولتها الراحل يحيي شاهين .

خالتها الفنانة جمالات زايد، التي لقبت بملكة الزغاريد في السينما المصرية، حيث بدأت مشوارها مع التمثيل من خلال الإذاعة التي اشتهرت فيها بدور "أم بندق" في فرقة "ساعة لقلبك" وأيضا دور "أم علي" في مسلسل "عيلة مرزوق" ثم شاركت في أعمال سينمائية عدة بينها "فاطمة وماريكا وراشيل" و"الآنسة حنفي" و"الستات ما يعرفوش يكدبو" و"اسماعيل يس في الجيش" لكن يبقي أشهر أدوارها هو دور أم الراحل عبد المنعم ابراهيم في فيلم "سر طاقية الإخفاء" ولجمالات طرائف يعرفها كل سكان شارع الرفاعي بالسيدة زينب، وتتذكرها فنانتنا، فإن ملوخية خالتها جمالات كانت إحدى أهم الروائح التي تصدر عن البيت، ويعرف الشارع كله أن أسرتهم ستأكل ملوخية يوم أن تطبخ جمالات، لأنها كانت تطلق زغرودة عالية عندما تهم بطش الملوخية إضافة إلى الشهقة المعروفة، وكانت تقول إن الشهقة للنفس أما الزغرودة فتجعل الملوخية لها عرق.

خالتها الصحفية الكبيرة مهجة زايد التي اتجهت للكتابة وعملت بالصحافة في مؤسسة روزاليوسف، ولها مؤلفات عدة منها "موسوعة اعرف نفسك من برجك ولونك وكفك" و"عالم الفنجان وحكاياتي مع الفنجان".

عمل أخوالها في الإنتاج ولكن المنتج الأهم والأشهر في العائلة كان الراحل مطيع زايد، الملقب بشيخ المنتجين العرب الذي أنتج عشرات الأعمال الفنية، وكان أحد أعمدة التليفزيون المصري مع بداياته الأولى في الستينات مع المخرج إبراهيم الصحن، وقدما عشرات الروائع، ويعد مطيع زايد صاحب فضل كبير على مدينة الإنتاج الإعلامي التي لولا وقوفه إلي جوار قياداتها في ايامها الأولى لما تمكنت من الاستمرار،  حيث اصطحب المهندس عبد الرحمن حافظ على نفقته الخاصة إلى دبي وأبو ظبي للتعاقد على أعمال تليفزيونية مع شركات إماراتية، وعادا من الرحلة  بـ 12 مسلسلا ربحت منها المدينة الملايين بينما لم يحصل منها مطيع زايد على مسلسل واحد حيث اعتبرها خدمة للمدينة الوليدة.

مختار زايد الذي اتجه إلى الإنتاج بعد سنوات قضاها في كنف شقيقه الأكبر محمد زايد كمساعد إنتاج حيث قدم عددا من الأعمال المهمة أشهرها "قلب الليل"  بطولة نور الشريف وفريد شوقي وقصة نجيب محفوظ وسيناريو وحوار شقيقه الأصغر محسن زايد وإخراج عاطف الطيب و"الثلاثية" و"الليلة الموعودة".

وكان الراحل محسن زايد بدأ حياته ضابطا في الجيش وظل فيه طيلة فترة حرب الاستنزاف قبل أن يخرج مصابا عام 1974 ورغم أنه درس الإخراج فإن وجوده بالجيش حرمه منه ليفرغ طاقاته في الكتابة وكانت أول أعماله سهرة تليفزيونية بعنوان "الديابة" قامت ببطولتها علوية زكي عام 1969 ليلتقطه بعدها الراحل الكبير صلاح أبو سيف عام 1971 ليكتب له سيناريو الفيلم الشهير "حمام الملاطيلي" ثم تتوالى أعمال محسن زايد من مسلسل "أرض النفاق" لفؤاد المهندس إلى فيلم "السقا مات" إنتاج يوسف شاهين وبطولة عزت العلايلي وإخراج صلاح أبو سيف و"اسكندرية ليه" ليوسف شاهين ومسلسل "عيلة الدوغري" عن نص لنعمان عاشور من بطولة عماد حمدي ويوسف شعبان وإخراج ابراهيم الصحن إلى" الثلاثية" و"القضية 80" للمخرج يوسف مرزوق و"لسه باحلم بيوم" لنور الشريف و"ليلة القبض علي فاطمة" لمحمد فاضل و"قهوة المواردي" لنبيلة عبيد وفريد شوقي، ومن الأفلام "أيوب" لعمر الشريف وفؤاد المهندس و"قلب الليل" و"المواطن مصري" لعمر الشريف وعزت العلايلي ومسلسلات "الحاوي" لفاروق الفيشاوي و"بنات أفكاري" لمحمود مرسي وإخراج يحيي العلمي و"العائلة العاشورية" و"حديث الصباح والمساء" لليلي علوي وإخراج أحمد صقر، آخر أعمال محسن زايد كان مسلسل "بنت بنوت" من بطولة مي عز الدين وحسن حسني وأخرجه ابنه ياسر زايد، واستكملت كتابته نشوى زايد المتزوجة حاليا من النجم السوري أيمن زيدان.

معالي زايد درست فى المعهد العالي للسينما وكلية التربية الفنية، وبدأت مشوارها الفني بمسلسل "الليلة الموعودة" وقدمت عددا من أبرز المسلسلات المصرية بينها "دموع في عيون وقحة" و"عيلة الدوغري" و"الثلاثية" و "الدم والنار" و"حضرة المتهم أبي" و"امرأة من الصعيد الجواني" إضافة إلي أفلام عدة بينها "السادة الرجال" و"سيداتي آنساتي" و"الشقة من حق الزوجة" و "كتيبت اعدام"
تزوجت مرتين إلا أنها لم تنجب لكنها كانت تكفل طفل يتيم، فرحمة الله عليكي يا بنت البلد الجدعة.