يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

انواع الحب في قصص


نشرته في موقع اتحاد الشباب التقدمي

قبل سنين كثيرة حملت لنا أنباء ما قد سبق، قصصاً شتى لا عن الجاهلية أتحدث بل عن ماضينا القريب، عن ماضٍ كانت فيه الغلبة للأقوى، والبقاء للأكثر اصراراً، فاللحب انواع ومنها هذه القصص:

ـ الحب الالهامي

اعجب " كالمان " تاجر لوحات بلوحة أحس بإحساسه الفني بعبقرية صاحبها الموقع عليها بإسمه "لاجار"، فسأل عنه ليشتري لوحته والمزيد من رسوماته، فكان الجواب أنه إختفى ولا أحد يعلم عنه شيئاً، لتبدأ رحلت البحث عنه التي أصبحت الشغل الشاغل لكالمان الذي لم يترك مكاناً إلا وبحث عنه، وفي مكان ما صادف بعض اللوحات التي عليها توقيع الرسام المختفي، فسأل عنه وكانت الإجابة لا أحد يعرف مكانه، ومرت سنوات جمع خلالها التاجر كالمان أكثر من خمسين لوحة عليها توقيع لاجار، وفي إحدى المرات التي يشتري فيها لوحات الفنان التي يعثر عليها وجد من يعرف لاجار وكان أحد أصدقائه القدامى، أخبره بأن لاجار أحب فتاة حباً شديداً وارتبطا ببعضهما، وحين إجتاحت جيوش هتلر فرنسا هربا إلى إسبانيا وظلا هناك حتى إنتهت الحرب، ثم عادا وعاشا معاً في حي الفنانين وبعد فترة ماتت حبيبته وملهمته، ولم يغادر المنزل لفترة طويلة حيث بقي جالساً إلى جانب سريرها ثم قرر الأطباء وضعه بمستشفى للأمراض العقلية ومن يومها إختفت أخباره، فذهب التاجر للمستشفى التي تم نقل لاجار إليها منذ خمس سنوات فوجده لازال حياً يعيش بين جدران غرفة صغيرة ثيابه بالية يرتعش من البرد محروماً من أوراقه وريشته، وفي اليوم التالي عاد التاجر ومعه ملابس جديدة وأوراق وألوان وطعام قدمهم إلى لاجار الذي أكل وبكى ونطق بعد خمس سنوات من الصمت وقال لكالمان، شكراً لك لكنهم لن يسمحوا لي بالإحتفاظ بأي شيء، هنا تأكد كالمان بأن لاجار مازال عاقلاً فطلب من الأطباء إخراجه لكنهم رفضوا، فخرج يؤجج الرأي العام ويطالب بإخراجه وأن الأطباء إرتكبوا خطأ في حق الإنسانية وأن ما حدث عار على فرنسا التي تنادي بالحرية، حيث حُبس إنساناً عاقلاً كل ذنبه أنه كان حزيناً، فأعادوا الأطباء فحصه من جديد وأكدوا أنه عاقل وسيخرجونه بشرط دفع مصاريف إقامته بالمستشفى لمدة خمس سنوات، فلم يتردد كالمان في إقامة معرض لأعمال لاجار حيث باع كل لوحاته التي اشتراها من ماله وباعها من أجله، فسدد الدين وأخرجه وسلمه باقي ثمن اللوحات، ثم خرج لاجار من عزلته وعاد لريشته وأوراقه

ـ الحب الحقيقي

سألت فتاة الاديب "ديستوفسكي" عن الحب بمعناه الشامل فقال: هناك نوعين من الحب، الحب الفعال والحب الحالم، ومقارنتاً بين النوعين فالحب الحالم يدفع صاحبه إلى التعبير عنه بصوت مباشر سعياً وراء الاستحواذ على اعجاب الاخرين، اما الحب الفعال فهو يتطلب من الانسان عملاً شاقاً وصبراً طويلاً، وذلك هو الحب الحقيقي "حب الانسانية"وقد يشعر فيه المرء بأنه على الرغم من عمله وصبره يبعد عن هدفه الحقيقي بدلاً من الاقتراب منه، ولكنه في الحقيقة يكون قد حصل عليه وسيدرك في لحظة ما أن هناك قوة تصل إلى حد الاعجاز، قوة لم تتوقف لحظة عن رعايته وحبه وارشاده نحو هدفه، انه حب الله، الحب الذي اذا دخل قلباً ملأه بحب البشرية.

ـ الحب الشافي

تعرضت طفلة لضرب مبرح من والدها وزوجته الذين يسيؤن معاملتها، فنقلت للمستشفى لأنها لم تعد تستطيع تحريك جسدها ولم تستطيع ايضاً النطق بسبب الصدمة العصبية، واعتنت بها ممرضة كانت تقول لها كل يوم احبك، وكان الاطباء يقولون لها انها لن تسمع او تنطق وانها تجهد نفسها بلا نفع، لكن الممرضة اصرت على معاملتها بلطف وترديد كل يوم"احبك لا تنسي ذلك"وبعد فترة استعادت الطفلة حركتها ونطقها وابتسامتها، وهذا دليل على أن الحب يشفي.

ـ الحب الجنوني

لم يستطع "فيكتور هيجو" أن يضحي بحبه في مقابل إيمانه العميق بحب الخير والبذل والعطاء، تزوج بـ "آديل" ابنة الضابط "فوجر" رغم أن أخاه كان متيماً بها وترك أخاه يصارع الحب حتى صرعه، فانتهى به المطاف في مصحة عقلية أودت بحياته بعد أن أصيب بالجنون، بعد جنون أخيه وفي منفاه الطوعي ألف فيكتور روايته الخالدة "البؤساء" وجعل من "جان فالجان" مخلصاً جديداً يسوعاً بمواصفات جديدة، وكأن عقدة الذنب لا زالت تطارده كان حبه أقوى من مبادئه بكثير، إلى الحد الذي جعله يرى جنون شقيقه، ويؤلف رواية تكفير.

ـ الحب الوقتي

كان أدولف هتلر جزاراً عنصرياً، ومجنون حرب قبل السقوط الكبير لبرلين، وقبل يوم من انتحاره تزوج حبيبته القديمة "إيفا" ثم انتحرا معاً!، وأمر بحرق الجثتين سوياً فالانسان ابن عملية حب ولو كانت وقتية.

تغلب الحب في النهاية على ما سواه، هو الفطرة، وهو الطبيعة، وهو ما يبحث عنه الأعمى في آخر الطريق.

نعم للحب ـ لا للخيانة



نشرته في موقع اتحاد الشباب التقدمي

قال الادباء عن الخيانة:

ـ عندما تخون المرأة تغمض عينيها كي تقتل احدهم في داخلها، وعندما يخون الرجل يفتح عينيه كي يحتقر احداهن امامه.

ـ عندما تخون انساناً خانك فأنت خائن، وعندما تخون انساناً اخلص لك فأنت انسان قاتل.

ـ للخيانة طعم لا يتذوقه إلا الخائنون، وللخيانة رائحة لا يشمها إلا المخلصون.

ـ اذا كان الانتقام مفتاح الخيانة عند المرأة، فالرغبة مفتاح الخيانة عند الرجل.

ـ في معظم الاوقات، بعد الخيانة تبكي المرأة ويندم الرجل.

كما يقال إن وراء كل عظيم امرأة، يقال ايضاً إن وراء كل رجل منكسر او مهزوم امرأة في ثوب افعى تلدغ من حيث لا تدري، ولدغة الافعى سامة وقد تكون قاضية إذا لم نسارع بمداواة جرحها بمصل مضاد للسموم، غير أن الافاعي ليست كلها قاتلة، بل وان كانت قاتلة فهناك من يتعايش معها ويروضها.

تغيرت الازمنة ولكن ظل عصراً محفوراً في قلوبنا وعقولنا، عصر الحب والوفاء والمخاطرة من اجل الحق، عصراً كان يموت فيه الذي يحب من اجل حبه، كان التفاهم بين المحبين حاضر في كل حين، وكان الشوق مشتعلاً مثل البركان، حرارة الحب فيه قوية، كان هذا عصر عنتر وعبلة وقيس وليلى الذين احبوا وماتوا حباً، عصر شهد له التاريخ وسيبقى شاهداً عليه لأخر الزمان، وهذا العصر رحل وحل مكانه عصر الكذب والنميمة والغدر والخيانة، وانعدام الرحمة والضمير والاحساس، واصبح الحب عملة نادرة، فالأخ يغدر بأخيه والصديق يخون صديقه، والحبيبة تخون حبيبها والعكس بعد سنين من الحب وتضحيات وعناء، واصبحت الخيانة سمة اساسية وامراً طبيعياً.

ولكن إن خاننا احد علينا أن لا نحكم على الجميع بأنهم خونة، وننظر للأشياء بعين واحدة، فالننظر بالعينين معاً وستظهر الأشياء بشكل افضل ونعرفها قبل أن نصدر احكامنا.

فمن قابل خونة ولدغ منهم عليه أن يشفى منهم ويحب من جديد، فالحب هو اسمى عاطفة تدخل القلب، فإذا دخل الحب قلباً دخلت معه التضحية، فعندما نحب احد سنضحي من اجله لكي يكون لنا ونكون له، واذا بادلنا الطرف الآخر الحب فإنه سيفتدينا ايضاً.

فالنجعل الحب بيننا سيداً، ونعيشه بشكله الصحيح ونتذوق حلاوته ولنتذكر دائماً كم عانينا لأجله حتى ندرك قيمته، وهكذا سنصل إلى معنى الحب الحقيقي، فالنحب من دون أن يكون حبنا امتلاكاً، فالحب والعناد لا يلتقيان ولا يتفقان، فمن الخطأ أن نجعل الحب نقيضاً للكرامة وعزة النفس والكبرياء، لأن احبتنا هم كرامتنا وعزة نفسنا وكبرياؤنا.

ولنتذكر نصيحة جبران خليل جبران لنا:"ليحب احدكما الآخر ولكن لا تجعلا من الحب قيداً، وليكن حبكما بحراً يتهادى بين شاطىء روحيكما، وليملأ احدكما كأس رفيقه، وحذار أن تشربا من كأس واحدة، وليعط احدكما الآخر من خبزه، وحذار أن تأكلا من رغيف واحد، غنيا وارقصا واطربا معاً، ولكن ليحتفظ كل منكما بإستقلاله، فأوتار القيثارة يمتد كل منها مستقلاً عن الآخر، وإن كانت تنبض جميعاً بلحن واحد، وليهب كل منكما قلبه لكن لا يمتلكه الآخر، فإن يد الحياة وحدها التي تستطيع أن تسع قلبيكما، ولتقفا معاً ولا تتلاصقا، فإن اعمدة المعبد تقوم كل منها مستقلة عن الآخرى، والسنديانة وشجرة السرو لا تترعرع احداهما في ظل الآخرى".

السادة اصحاب المناصب


نشرته في موقع اتحاد الشباب التقدمي


لا شيء ينفع مثل التسلح بالمعرفة والثقافة وتحصين الوعي بالتواضع الذي قال فيه غاندي:"ندنو من العظمة بقدر ما ندنو من التواضع" خصوصاً أن كل شيء زائل وكل الأضواء والبريق مجد باطل، وما يبقى هو الذي ينفع الناس ويسهم في جعل حياتهم افضل، ولولا محبة الناس ومشاعرهم الجميلة الجليلة لما استطاع أي كان أن ينجح ويستمر في مكانه.

لقد تم اسقاط النظام نتيجة ثورة الشباب، فخرج الكثير من القادة والمسؤلين الذين اصبحوا الآن قادة ومسؤلين سابقين، وقد كان هناك الكثير ممن كان ينتظر أن يكونوا قادة ومسؤلين من اعضاء الحزب الوطني الذين كانوا يحبون أن يكونو من اصحاب المناصب وفشلوا في الوصول أو الصعود إليها، الذين اشفق عليهم واقول لهم لا تغيروا سلالمكم ولا احذيتكم وإنما غيروا نياتكم.

واقول لهم ولمن سيأتون بعدهم، الذين سيجدون انفسهم في احدى جمل المقال بوضوح، كونوا الأقرب لأنفسكم وصارحوها بينكم وبينها ايهم انتم، ولا تنتظروا الإجابة من غيركم فربما يقف المنصب حاجزاً بينكم وبين صدق اصواتهم، فحاسبوا انفسكم في الدنيا قبل أن تحاسبوا في الأخرة ولربما لا ينام بعضكم الليل يسهر مع ضميره الحي يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الحي الذي لا ينام.

وفي شتى مجالات الحياة نتعامل مع اصحاب المناصب، من كل الأحجام والفئات والأخلاق والصفات، بعضهم من يحفر اسمه فينا وفي منصبه حفراً طيباً، فإذا ما غادر يوماً تعذبنا من ألم فقدانه، وبعضهم من يحفر اسمه بنا كجرح يجبرنا الوقت على احتماله، فإذا ما رحل احتفلنا برحيله،

بعضهم يتقدم نحو المنصب على استحياء وبخطى متثاقلة يقيناً منه أنه يخطو نحو مسؤلية عظيمة، فيتسلم المنصب بتواضع العظماء يعمل ويبني ويمنح، يسخر منصبه للخير وحب مصر ويردعه عن الشر مخافة الله وحب مصر ايضاً، وبعضهم يكون المنصب آخر عهده بالإنسانية، فيتجرد من كل ما يمت للمشاعر بصلة ولا يرى ابعد من مكتبه، ويتخذ من المنصب وسيلة لتصفية حسابات شخصية، فتستدعي ذاكرته كل الوجوه التي اساءت له يوماً أو اختلفت معه، فيظن أن المنصب هو فرصة انتقام نادرة قد منحه اياها القدر وأن من الغباء اضاعة الفرصة، فيوقظ المنصب فيه كل عقده القديمة بدءاً من جنون العظمة وانتهاءاً بعقدة النقص التي تلازمه مهما اكتملت فيه الأشياء، وبعضهم لا يفرق بين المنصب ومصباح علاء الدين الذي سيخرج منه المارد ليلبي كل ما يحلم به، ويظن أن منصبه مغارة علي بابا بكنوزها وجواهرها ولا ينقصه إلا أن يقف وراء المنصب ويقول افتح ياسمسم، وبعضهم لا يمسك بالمنصب وحده بل هو وعائلته واقاربه واصدقائه، ويكون كالنهر العذب لكنه لا يسقي سوى المقربين منه فالأقربون اولى بالمعروف، وكأن المنصب تركة ورثها عن اباءه، وبعضهم يتخذ من المنصب جسراً للوصول إلى قلوب الناس ويتفقد موظفيه كل صباح كما يتفقد اهل بيته، ويتخذ من المنصب بداية جديدة له، فينسى كل ما يتعلق بمرحلة ما قبل المنصب ويفتح صفحاته البيضاء بينه وبين الآخرين، وبعضهم يفتح اذنيه لريح الكلام ويطلق كلاب حراسته في كل الجهات، فلديه حساسية قاتلة من كلمة شعب ويظن أن حديث الشعب عنه تهديد له وهزة لعرشه العظيم، فيعطي من طرف اللسان حلاوة وينسج لطالبيه الوعود والعهود، فإذا ما ادار ظهره لهم القى بوعوده وعهوده في ذاكرة نسيانه.

المنصب ككرة القدم قد تلقيه الحياة في مرماكم على غفلة وقد تسلبه منكم بالغفلة ذاتها.