يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

بور سعيد ـ كل عام وانتي بخير



من الشرفة كنت أُطل عليها، أراها مستحمة بزرقة المدى، مملحة بهواء البحر، ممتدة كبساط موازي للماء، خصلات شعرها موج البحر و ضفائرها الشمس.

عند أقدامها تكسر الغزاة، علمت الدنيا معنى الشموخ و أهدت للعالم أطواق الحرية، هي جارة لدمياط .

منذ أكثر من نصف قرن كتبت بالأحمر اسطورة البقاء، بالحبر خط الشعراء قصائد عشقهم لها فهي كلما تتقدم بالعمر تزداد سحراً و جمالاً، و بالدم سطر الشهداء ملحمة النصر و أجبروا غزاة العدوان على التراجع و الفرار تطاردهم أطياف الشهداء و صيحات الأرض المنقلبة على الطغاة، و لا عجب أن يكون أبنائها من شهداء وعمال و صيادون ومزارعون و أدباء ملهمين، فمنهم من كتب بدمه قصة شعب لم يرضى يوماً الذل والهوان، و منهم يكتب بصنارته و شباكه على صفحات المياه و في أعماقها حكايات الرزق الحلال، ومنهم من يكتب بمحراثه سطور التراب وأُغنيات الخير و الغلال، و منهم من يحول كل هذا إلى قصائد و روايات و كتب تخلد ما يصنعها أهلها الطيبون الذين يعلموننا حتى اليوم معنى الحرية و الإبداع، و هل من إبداع بلا حرية و هل من مبدع حقيقي إلا و كان في مدرسة الحرية .

هذا أقل ما أقوله عنها، إنها المدينة الباسلة بور سعيد التي شربت مائها عذباً و لم و لن أرمي في بئرها حجراً،

تحية لها و تحية لشعبها في يوم عيدهم القومي الذي يحتفلون به في 23 ديسمبر من كل عام .

شاعرة التراب والعشب والزهرة


نشرته في موقع اتحاد الشباب


ولدت في مدينة نابلس الفلسطينية عام 1917، وحين سألت امها عن تاريخ ميلادها قالت لها كنت في الشهر السابع من الحمل بكِ عندما استشهد ابن عمي كامل عسقلان، واخذتها في اليوم الثاني لقبره، فتقول شاعرتنا: "لقد استخرجت شهادة ميلادي من شاهد قبر".

تلقت تعليمها حتى المرحلة الإبتدائية حيث اعتبرت عائلتها مشاركة المرأة في الحياة العامة أمراً غير مقبول، فقد تركت مقاعد الدراسة بسبب زهرة اهداها لها ابن الجيران اثناء طريق عودتها للمنزل، فتعرضت للضرب من قبل احد اخوتها، وجلست في البيت واستمرت في تثقيف نفسها بنفسها، ثم درست على يد أخيها ابراهيم حيث كان شاعراً، وهو الذي نمى مواهبها ووجهها نحو كتابة الشعر ثم شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية، وكانت تنشرها بأسماء مستعارة خوفاً من اهلها،ولما اشتاقت للحب لم تجد سوى الفتى الذي اهداها الزهرة لتكتب له الشعر، احبته من غير أن تعرفه، فقط لأنه اشعرها بوجودها.
عرفت بقصة حبها مع الناقد المصري أنور المعداوي التي وثقها الناقد رجاء النقاش في احد كتبه، وكانت قصة حب أفلاطونية عفيفة عن طريق الرسائل فقط، كما يروى أنها ألتقت بشاعر مصري اسمه "إبراهيم نجا" جاء إلى فلسطين كصحفي أثناء حرب 1948، و أحبت هذا الشاعر الذي أحس بمعاناتها وقررت الزواج به ولكن عائلتها رفضته حفاظاً على تقاليدهم وعاداتهم التي لا تسمح للفتاة بالزواج من شخص غريب خارج العائلة، و بذلك بقيت شاعرتنا أسيرة العادات والتقاليد الظالمة فلم تتزوج طيلة حياتها، وكان الحب الاكبر في حياتها الاطفال فتقول عنهم: "انهم نقطة ضعفي وحبي لهم يبلغ حد الوجود".

بدأت علاقة الشاعرة بأخيها إبراهيم منذ وقت مبكر من حياتها، وكان بالنسبة لها الأمل الوحيد المتبقي في عالمها المثقل بعذابات المرأة وظلم المجتمع، ورأت فيه الضوء الذي يطل عليها من خلف أستار العتمة والوحشة والوحدة، وشكلت عودة إبراهيم من بيروت إلى نابلس بعد أن أكمل دراسته وحصل على شهادته من الجامعة الأمريكية ببيروت، عاملاً مساعداً لإعادة بعض الفرح إلى حياتها وثقتها بنفسها، وترسيخ خطواتها على درب التعليم الذاتي الذي ألزمت نفسها به بعد أن أجبرت على ترك المدرسة، كانت أول هدية تلقتها منه ، وأول سفر في حياتها برفقته، كان هو الوحيد الذي ملأ فراغها النفسي الذي عانته، كان تعامله معها يعطيها انطباعاً بالسعادة وإشاعة الفرح في قلبها، لكن القدر لم يترك لها هذا المصباح مضيئاً لحياتها، فقد توفي ورثته قائلتاً: "توفي شقيقي فكانت وفاته ضربة أهوى بها القدر على قلبي ففجر فيه ينبوع ألم لا ينطفئ ومن هذا الينبوع تتفجر أشعاري على اختلاف موضوعاتها، انكسر شيء في أعماقي، وسكنتني حرقة اليتم".

كانت تتابع أخاها إبراهيم في كتابته للشعر، وتوجيهه للطلاب الذين كانوا يكتبونه، وقد سمعته مرة وهو يحدث أمه عن تلميذين من تلاميذه قد جاءا إليه بقصائد من نظمهما خالية من عيوب الوزن والقافية، فقالت "نيالهم"

وعندما سمعها وهي تتكلم بحسرة، كأنها تلومه على عطائه مع تلاميذه وتقصيره معها، قال: سأعلمك نظم الشعر، واعطاها كتاب الحماسة لأبي تمام، نظر في الفهرس ثم فتح الكتاب عند قصيدة معينة، وقال: هذه القصيدة سأقرؤها لك وأفسرها بيتاً بيتاً ثم تنقلينها إلى دفتر خاص وتحفظينها غيباً، لأسمعها منك هذا المساء عن ظهر قلب، لم يكن اختيار إبراهيم مجرد اختيار عشوائي فقد اختار لها شعراً لامرأة ترثي أخاها، ثم يقول: لقد تعمدت أن أختار لك هذا الشعر لتري كيف كانت نساء العرب تكتب الشعر الجميل.

وبدأت رحلتها مع الشعر تحفظ القصائد التي يختارها لها اخاها، وبدأت تتعلم من جديد في مدرستها التي فتح إبراهيم أبوابها، حيث قالت:"ها أنا أعود إلى الدفاتر والأقلام والدراسة والحفظ، ها أنا أعود إلى جنتي المفقودة، وعلى غلاف دفتر المحفوظات تلألأت بعيني هذه الكلمات التي كتبتها بخطي الرديء، خط تلميذة في الثالثة عشرة من العمر، الاسم: فدوى طوقان، الصف: (شطبت الكلمة وكتبت بدلاً منها) المعلم: إبراهيم طوقان، الموضوع: تعلم الشعر، المدرسة: البيت".

وبدأت مرحلة جديدة في حياتها، مرحلة تشعر فيها بذاتيتها وإنسانيتها وحقها في التعلم، وتجدد معها ثقتها بنفسها "أصبحت خفيفة كالطائر، لم أعد مثقلة القلب بالهم والتعب، في لحظة واحدة انزاح جبل الهوان وابتلعه العدم، وامتدت مكانه في نفسي مساحات مستقبل شاسع مضيئة خضراء كمروج القمح في الربيع" وحاول المعلم أن يختبر رغبة أخته الصغرى في تعلم الشعر، فتوقف عن مراجعتها لفترة محدودة دون أية كلمة عن الدروس، وفي اليوم الرابع راجعته بصوت مرتعش: هل غيرت رأيك؟ ويأتي الجواب منه سريعاً: لم أغير رأيي، ولكنني توقفت لأتأكد من صدق رغبتك في التعلم، سنواصل اليوم الدرس.

بدأت فدوى طوقان تكتب على منوال الشعر العمودي، واتجهت بعد ذلك إلى الشعر الحر.

من اصداراتها:

ديوان وحدي مع الأيام ـ دار النشر للجامعيين ـ القاهرة 1952م.

وجدتها ـ دار الآداب ـ بيروت 1957

أعطنا حباً ـ دار الآداب ـ بيروت 1960

أمام الباب المغلق ـ دار الآداب ـ بيروت 1967

الليل والفرسان ـ دار الآداب ـ بيروت 1969

على قمة الدنيا وحيداً ـ دار الآداب ـ بيروت 1973

تموز والشيء الآخر ـ دار الشروق ـ عمان 1989

اللحن الأخير ـ دار الشروق ـ عمان 2000 و... قد ترجم بعض من شعرها إلى اللغات: الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية والفارسية والعبرية.

سافرت فدوى طوقان إلى لندن في بداية الستينيات وأقامت هناك سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية, حيث جعلتها من منجزات الحضارة الأوروبية الحديثة، وبعد نكسة 1967 شاركت في الحياة العامة بنابلس فبدأت في حضور المؤتمرات واللقاءات والندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون من أمثال محمود درويش.

وفي مثل هذا اليوم 12 ديسمبر عام 2003 ودعتنا فدوى طوقان عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاماً قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة:

كفاني أموت عليها وأدفن فيها

وتحت ثراها أذوب وأفنى

وأبعث عشباً على أرضها

وأبعث زهرة إليها

تعبث بها كف طفل نمته بلادي

كفاني أظل بحضن بلادي

تراباً،‌ وعشباً‌، وزهرة.

في يوم الطفولة العالمي

نشرته في موقع يلا تغيير


قال حِطَّانُ بنُ الْمُعَلَّى:
لولا بنياتٍ كزغب القطا رددن من بعضٍ إلى بعضِ
لكان لي مضرب واسع في الارض ذات الطول والعرض
وانما اولادنا بيننا اكبادنا تمشي على الارض
لوهبت الريح على بعضهم لمتنعت عيني عن الغمض

ووفق احصاءات منظمة الصحة العالمية :
ـ 448 مليون طفل في العالم يعانون نقصاً في الوزن.
ـ مليون طفل في العالم تحت سن 5 سنوات يموتون سنوياً بسبب اصابتهم بالإلتهاب الرئوي.
ـ مليون طفل تحت سن الثانية يموتون في العالم سنوياً بسبب اصابتهم بالكوليرا وفيرس الروتا وهو مرض معدٍ ينتشر عن طريق الايدي والاشياء الملوثة.
ـ 132 مليون طفل تتراوح اعمارهم بين 14 ـ 15 عام يعملون في قطاع مصائد الاسماك في العالم والذي يخضع لظروف خطرة للغاية، وفق ما بينته احدى الدراسات في خلال ورشة عمل دولية نظمتها وكالتان تابعتان للأمم المتحدة، هما منظمة الاغذية والزراعة في روما ومنظمة العمل الدولية.
ـ مليون ونصف طفل تساء معاملتهم ويتعرضون للإهمال في بريطانيا سنوياً وهو ما يجعلهم في خوف دائم تظهر اعراضه على شكل تصرفات مضطربة وفق ما اعلنته "كاميلا باتمانغليدي" المديرة التنفيذية بجمعية كيدز التي تعتني برفاهية الاطفال وسلامتهم في بريطانيا.
ـ 66 الف طفلة يعملن خادمات في مختلف المدن المغربية، وفق ما اعلنت عنه منظمة مغربية تعمل على مناهضة تشغيل الخادمات القاصرات في المنازل.
ـ 80% من اللاجئين في العالم من النساء والاطفال.

إن الله سبحانه وتعالى خالق مبدع ابدع في خلقه وزينه، ومن اجمل ما خلق الاطفال ففيهم الجمال والبراءة، لكننا اليوم نشاهد اطفال يضعون بين قبضتي ايديهم الصغيرة احجاراً يحتمون ويشعلون شمعة امل بها من خلف قضبان وقيود الظلم والعدوان، ونحن لا نحرك ضمائرنا للدفاع عن هؤلاء الاطفال ولا حتى نستمع لأصواتهم التي تستنجد بنا !
هذا على الصعيد الخارجي اما على الصعيد الداخلي، فقد انتشرت تجارة بيع الاطفال واصبحت جريمة منظمة تقودها عصابات محلية ودولية، تتولى تسويق بضاعتها المحرمة في اتجاهات مختلفة، كشبكات لإستغلالهم جنسياً او لتجارة اعضائهم البشرية.
وهناك اكثر من سبب اجرامي لقضية تجارة الاطفال منها البيع القهري، حيث يتعرض بعض الاباء لخطف اطفالهم الرضع من المستشفيات، وذلك عن طريق بعض العاملين فيها من ممرضات واطباء لا ضمير لديهم.
اما البيع غير القهري فيتم برضا الطرفين البائع والمشتري، وهو الاكثر انتشاراً بإعتباره نتيجة تفاقم مأساة اطفال الشوارع ومنهم الفتيات اللواتي ينجبن اطفالاً لا يستطعن تحمل مسؤولياتهم او الحفاظ عليهم، فيضطرون إلى بيعهم.
وإن تجارة بيع الاطفال سواء بهدف التبني او بيع الاعضاء او الاستغلال الجنسي، انتشرت في مجتمعنا في ظل تنصل الحكومة من مسؤو لياتها تجاه اوضاع اقتصادية متدهورة نتجت عنها ظواهر سلبية مهدت لنتشار هذه التجارة ومنها ظاهرة اطفال الشوارع.
ولذلك نوجه نداء للحكومة بتفعيل الثقافة الحقوقية في المجتمع وتطبيق مفرداتها على اوسع نطاق مجتمعي ممكن بهدف القضاء على تجارة الاطفال، وضرورة انشاء جهات رقابية على ان تكون تابعة لجهات رسمية غير امنية، للتعامل بشكل علمي وانساني مع ضحايا الاستغلال التجاري والجنسي خصوصاً من اطفال الشوارع، مع توفير الرعاية الكاملة لهم وتعليمهم حيث ان معرفة القراءة والكتابة هي حق من حقوق الانسان الاساسية والقيمة الاكثر اهمية لحياة الطفل، فهي جوهرية لتطور الفرد كما المجتمع، إذ تمهد الطريق لحياة ناجحة وحرة الارادة، كما نطلب من الجهات الامنية المزيد من الاهتمام ببلاغات المتغيبين من الاطفال وسرعة التحرك لإنقاذهم قبل ضياعهم.

يقول احمد بخيت:
سلاماً يا غياب ابي الم تشتاق لتقبيلي
لقد خرج الفتى الوهاج من بر الكوافيلي
وما عاد الصغير يسير مبتل السراويلي

كما قال ايضاً:
رأيت ملابسي تنموعلى حجرٍ بشط النيل
وأمي في خيال الشط تعصر قلبي المبلول
رأيت ملابسي تنمو فهل الايام حبل غسيل

معاً ضد الإحتلال السياسي


نشرته في جريدة الشرق


عادة ما تكون الكتابة عن موضوع ما من وحي الجو المحيط بنا، ولكن إذا اردنا الكتابة عن السياسة فهل يجب أن يكون من يكتب عنها سياسياً وليس اديباً.

من خلال قراءتنا نكتشف أن اكثر من برعوا في كتابة السياسة هم الأدباء، وقصصهم ورواياتهم كانت ذات تأثير يفوق تأثير السياسيين والكتاب الصحفيين المتخصصين في السياسة، والمواضيع التي يتطرقون لها ذات بُعد سياسي اعمق مما نتوقع، حيث تتمحور كتاباتهم حول خبايا الخطط والبرامج التي تحضر منها المفاجآت السياسية.

ومن المبادىء الأساسية للسياسي أن يكون كاتبها أو مؤديها ذات حضور يلاقي القبول، وأن يكون حديثه حتى وإن لم يكن مقنعاً سبباً لبعث الطمأنينة، وكما أن هذا هو مبدأ السياسة، فإن الأساس في العمل السياسي أن تكون لدى من يقوم به افعال تنعكس على سياسته، وليس من متطلبات السياسي أن يكون وسيماً وخفيف الظل وافعاله قبيحة وقرارته مزعجة.

واليوم لم يعد في الصحف القومية احتلال يشبه الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين مثل احتلال الحزب الوطني وكتابه، حيث يطلقونهم للدفاع عن فضائحهم وفسادهم، ولم تعد تنطلي على المصريين مزاعم الديمقراطية، فلا تزال حفنة رجال الأعمال السياسيون ممعنين في غيهم وعسفهم وجورهم وسلبهم وبطشهم للشعب، بينما تعجز القوى السياسية عن وقف كل هذا الفساد وتطالبنا أن نصدق أنهم يحاربونه وأنه ليس هناك توريث وأننا في بلد الديمقراطية وغير ذلك من الأوهام التي لم يعد يصدقها حتى الذين انخرطوا فيها.

وليس جديداً على رجال امن النظام تلك الإهانات التي يمارسونها تجاه الشعب من شباب وشابات وطلبة وعمال وقعوا في ظل قبضة السجان اللئيم " قانون الطوارىء" حيث يفتقروا إلى الحد الأدنى الأخلاقي من معاملة المواطن، فحين تنتهك حقوقنا ونقول "من حقي كمواطن" يقولون وما المواطن، فالمواطن عندهم فقط من الحزب الوطني وكأن الوطن لم يعد لغيرهم، فمجموعة منهم يعتقدون أن حزبهم هو الوطن ومجموعة ثانية يعتقدون أن الأمن هو الوطن ومجموعة اخرى يرون أن تجارة القمح هي الوطن، وهنا يبيعون الوطن بالدولارات.

لذلك علينا ألا نجعل من كل هذه الأحداث إشكاليةً ونقف عندها، بل نفكَر ونبحث عن حلول ثم نناضل من أجل تحقيق هذه الحلول وتجسيدها على أرض الواقع، والنضال لا ينتهي عند إيجاد الحلول، بل هو المرحلة الأولى من التغيير لتبدأ المرحلة الثانية الهامة، وهي العمل والنضال من أجل إقناع الناس بتجسيد العملية الديمقراطية وتداول اللسلطة.

وعلى كل فرد في المجتمع مهما كان موقعه ومستواه، أن يكون فرداً حياً في المجتمع يشعر ويبصر ويسمع ويلاحظ ويفكر، ويعيش بيئته ويتفاعل مع أحداثها، ويعمل بجد وعزم وإصرار ويدلي بصوته من أجل تقدم ورُقي ورفاهية وصلاح الإنسانية، ولا يكون كالآلة تؤدي ما يسند إليها من مهام دون وعي أوإدراك، بهذا يكون كل فرد في المجتمع قد قدم خدمة لبلده، وساهم في رفع مستوى مجتمعنا، وإن لم نفعل فقد نكون من الذين عطلوا حواسهم الإدراكية فذكرهم الله تعالى في قوله الكريم: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونْ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا اُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ سورة الأعراف 179

أو كما قال السيد المسيح "السامري الصالح الذي زرع الحبوب بأرض جيدة فأنبتت ثمار كمن سمع كلام الرب وعمل به"