يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

لكل مقام مقال





  
نشرته بأخبار يوم بيوم والكرنك والمواطن

نكتب لنزرف مشاعرنا كما نبكي فنزرف دموعنا، كما نبحث لنكتشف العالم، فالكتابة ليست أدبا،ً  ليست علماً، ليست مهنة، وليست هواية، إنها حاسة أخرى تجتمع فيها كل الحواس، فبالكتابة نسمع ونرى، بالكتابة نتذوق ونشم، بالكتابة نلتمس الأشياء والمشاعر بالحواس الخمس، نعرف كل الأشياء، نعرف أنفسنا، نعرف عوالمنا التي تعيش داخلنا والحياة النابضة في كياننا، نسطر بها فيض إحساس ونبضات قلب ونزف مشاعر... 

قال الأديب الراحل سعد الله ونوس: "الأسباب التي تدعو إلى الصمت أو تجبر عليه، أكثر من الأسباب التي تحفز على الكتابة والعمل، فحين يفقد الكاتب الإيمان النسبي بأنه قادر على التغبير، فإنه يفقد الدافع للكتابة"

من الصعوبات التي يواجهها الكاتب، هي محاولته تغيير نفسه وتجديدها لكي يتجاوز النقطة التي وصل إليها، وهذا الأمر صعب جداً، لأنه ربما يتحول هذا الكاتب إلى موضوع للسخرية، فإن لم يغير الكاتب نفسه ويجددها، سيموت أدبياً وهو على قيد الحياة، وإن تغير وتجدد يتعرض للانتقاد، ملخص كلامي أنه: لن تصل أفكارنا إلى الآخرين مالم نكن راضين عنها، ومن حق كل كاتب أن يمارس حقه في الاختلاف وكسر القوالب المتعارف عليها بين الحين والآخر .

بعض كتابات اليوم ومنها المقالات، سطحية وفارغة: سطحية مكشوفة برداءة التحليل والمعالجة، وفارغة تعكس خلوها من المعلومات الصحيحة، أصبحت كتاباتها باهتة بسبب التسرع في كتاباتها، لا أقصد هنا مقالات الرأي، بل تلك التي من المفترض أن تقدم خدمة للقراء، بمنحها إياهم معطيات حقيقية، فهناك مواد يتطلب الحصول على معلومات خاصة بها والتأكد منها، وهناك مواد تحتاج إلى ذاكرة فردية، فإن عجز الكاتب عن حصوله على تلك المعلومات أو تذكرها، فلا بائس أن يستعين بصديق يعلم ويتذكر تلك المعلومات، أفضل من الوقوع بأخطاء، فبعض الأسئلة والبحث عن الحقيقة لا يضر، فتقديم المعلومة الصحيحة واجب مهني وأخلاقي، وكم نلتقي من خلال قراءتنا بمثل هذه الأخطاء المرفوضة واللاغية للحقائق وعدم احترام أحد، فعندما يكتب الكاتب من غير أن ينتبه إلى حقائق الأمور، فهذا يعني أنه جاهل ومزور للواقع، ويسيئ لنفسه ولقرائه. 

نحن عندما نكتب لا نكتب بحبر القلم، بل نكتب بدماء القلوب، فعذراً إن ظهرت بعض الجراح على السطور .