يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

معاً ضد الإحتلال السياسي


نشرته في جريدة الشرق


عادة ما تكون الكتابة عن موضوع ما من وحي الجو المحيط بنا، ولكن إذا اردنا الكتابة عن السياسة فهل يجب أن يكون من يكتب عنها سياسياً وليس اديباً.

من خلال قراءتنا نكتشف أن اكثر من برعوا في كتابة السياسة هم الأدباء، وقصصهم ورواياتهم كانت ذات تأثير يفوق تأثير السياسيين والكتاب الصحفيين المتخصصين في السياسة، والمواضيع التي يتطرقون لها ذات بُعد سياسي اعمق مما نتوقع، حيث تتمحور كتاباتهم حول خبايا الخطط والبرامج التي تحضر منها المفاجآت السياسية.

ومن المبادىء الأساسية للسياسي أن يكون كاتبها أو مؤديها ذات حضور يلاقي القبول، وأن يكون حديثه حتى وإن لم يكن مقنعاً سبباً لبعث الطمأنينة، وكما أن هذا هو مبدأ السياسة، فإن الأساس في العمل السياسي أن تكون لدى من يقوم به افعال تنعكس على سياسته، وليس من متطلبات السياسي أن يكون وسيماً وخفيف الظل وافعاله قبيحة وقرارته مزعجة.

واليوم لم يعد في الصحف القومية احتلال يشبه الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين مثل احتلال الحزب الوطني وكتابه، حيث يطلقونهم للدفاع عن فضائحهم وفسادهم، ولم تعد تنطلي على المصريين مزاعم الديمقراطية، فلا تزال حفنة رجال الأعمال السياسيون ممعنين في غيهم وعسفهم وجورهم وسلبهم وبطشهم للشعب، بينما تعجز القوى السياسية عن وقف كل هذا الفساد وتطالبنا أن نصدق أنهم يحاربونه وأنه ليس هناك توريث وأننا في بلد الديمقراطية وغير ذلك من الأوهام التي لم يعد يصدقها حتى الذين انخرطوا فيها.

وليس جديداً على رجال امن النظام تلك الإهانات التي يمارسونها تجاه الشعب من شباب وشابات وطلبة وعمال وقعوا في ظل قبضة السجان اللئيم " قانون الطوارىء" حيث يفتقروا إلى الحد الأدنى الأخلاقي من معاملة المواطن، فحين تنتهك حقوقنا ونقول "من حقي كمواطن" يقولون وما المواطن، فالمواطن عندهم فقط من الحزب الوطني وكأن الوطن لم يعد لغيرهم، فمجموعة منهم يعتقدون أن حزبهم هو الوطن ومجموعة ثانية يعتقدون أن الأمن هو الوطن ومجموعة اخرى يرون أن تجارة القمح هي الوطن، وهنا يبيعون الوطن بالدولارات.

لذلك علينا ألا نجعل من كل هذه الأحداث إشكاليةً ونقف عندها، بل نفكَر ونبحث عن حلول ثم نناضل من أجل تحقيق هذه الحلول وتجسيدها على أرض الواقع، والنضال لا ينتهي عند إيجاد الحلول، بل هو المرحلة الأولى من التغيير لتبدأ المرحلة الثانية الهامة، وهي العمل والنضال من أجل إقناع الناس بتجسيد العملية الديمقراطية وتداول اللسلطة.

وعلى كل فرد في المجتمع مهما كان موقعه ومستواه، أن يكون فرداً حياً في المجتمع يشعر ويبصر ويسمع ويلاحظ ويفكر، ويعيش بيئته ويتفاعل مع أحداثها، ويعمل بجد وعزم وإصرار ويدلي بصوته من أجل تقدم ورُقي ورفاهية وصلاح الإنسانية، ولا يكون كالآلة تؤدي ما يسند إليها من مهام دون وعي أوإدراك، بهذا يكون كل فرد في المجتمع قد قدم خدمة لبلده، وساهم في رفع مستوى مجتمعنا، وإن لم نفعل فقد نكون من الذين عطلوا حواسهم الإدراكية فذكرهم الله تعالى في قوله الكريم: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونْ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُونَ بِهَا اُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ سورة الأعراف 179

أو كما قال السيد المسيح "السامري الصالح الذي زرع الحبوب بأرض جيدة فأنبتت ثمار كمن سمع كلام الرب وعمل به"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق