يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

زيارة إلى الميدان


نشرته على موقع شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك"

هنا كنت أقف، وعن مرحلة من مراحل الحزن اشير بكلمة هنا، وإلى بقعة من بقاع الذكرى يؤدي تتبع سهامها، إلى مرحلة مرهقة جداً من الشعور بالحزن، ونحن نقف أنا وكثير من المصريين على أرض هذا الميدان، كمحاربين مهزومين نسمع صوت وطن يئن مهزوماً من وجوه زيف أصحابها تاريخه، لكننا أقسمنا بأن نسقط امامك يا مصر وجوههم كالثمار الفاسدة، فمضى الشباب يتسابقون للموت فداءاً لك، وحُملوا على أكتاف بكتهم أعين وقلوب أصحابها، وسارت خلفهم جموع الشعب المصري وهم يهتفون "الشعب يريد اسقاط النظام" ومن يومها لم أتعلق في الحياة، لكن الحياة تعلقت بي للدرجة التي يتحول فيها الموت لدى البعض إلى أمنية مشتهاة، كالأماني المستحيلة التي نقضي عمرنا في طهوها واشتهائها ولا نتناولها أبداً، فبعض الأماني نربيها كطفل مشوه ونحتفظ بها معلبة ونتجاهل تاريخ صلاحيتها قدر استطاعتنا لأن لدينا قابلية تامة لتناولها حتى حين تأتي بعد الأوان وبعد الصلاحية، ولكل هذه الأسباب قررت قضاء إجازتي القصيرة والتي تعد يوم واحد فيه، ولا أعتقد أنني أخطأت في قراري.

والآن أتذكر كل ذلك وأنا أزور الميدان الذي أحبه، أجل أنا أحب هذا الميدان، وفي كل مرة أزوره أحبه أكثر، ليس لأنه جزء من قاهرتنا الجميلة، وليس لأنه الميدان الذي عشت فيه لأيام مظاهرات واعتصامات مع اصدقائي وزملائي، وليس لأنه الذي استطاع مع ميادين آخرى في الاسكندرية والسويس ومدن كثيرة، انهاء نظام دام حكمه 30 عام من القمع والاستبداد، بل لأسباب كثيرة، فهو يتحلى بنوع من الهدوء على الرغم من العواصف السياسية التي تمت في داخله وخارجه، ويحتضن بدفء ومحبة كل من بداخله، رغم ما يعانيه من اختناقات مرورية وأزمات في تنظيم السير حوله، وفيه التقيت رفاق وأصدقاء وزملاء ونجوم، ولا تكتمل زيارة الميدان إلا بلقاء الصديق العزيز خالد تليمة، هذا الرائع الذي اكتشف في كل مرة ألتقي به في الميدان، جانباً جديداً في شخصيته، والنجم حسانين الفنان، وأصفه بالنجم لأنه يستحق هذه التسمية، فأينما أدرت وجهك في الميدان ترى الرسومات المعبرة لهذا الفنان المبدع، والعازف الرائع صاحب الصوت الجميل فادي فريد الذي يغني دون انقطاع على جميع المنصات، والزملاء الأحمدان منصور ورومي وصفاقص وهاني عبد الراضي الذين يساعدون الجميع طوال الوقت في كل ما يقومون به، وهناك خيمة حزب التجمع التي تعقد فيها لقاءات وندوات يديرها وينظمها أعضاء وأساتذة تجمعيين ومنهم الفنان الدكتور ثناء شافع ونبيل عتريس ورجب بدوي ومحمد سعيد وأيمن أنور وأحمد بلال وهيثم عبد الفتاح ومعتز صبري و... الكثير ولا ننسا منى عبد الراضي التي كانت تمد الجميع بالمأكولات والمشروبات، إلى جانب حفلات السمر التي يحيها على لحن عوده وغنائه الفنان المبدع أحمد اسماعيل.

هذا غيض من فيض ما حصل في يوم واحد في الميدان، ميدان المحبة والليل والنهار، ميدان كل الألوان، فتحية لك ولكل من فيك يا ميدان التحرير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق