يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

أمير الساخرين




نشرته بأخبار يوم بيوم وجريدة الكرنك

 ((أصابع زينب رغم حلاوتها لا تعزف.. ولقمة القاضي رغم روعتها لا تحكم، والقانون لا يحمي المواطنين))

إن الروعة والمتعة تذكرنا بالعابرين في حياتنا، وهنا يجب أن نبحث عن السر في ذلك، على الرغم من علمنا أن هؤلاء حين داهمونا أول مرة كأنهم قالوا لنا نحن عابرون في حياتكم، وليس عليكم الالتزام تجاهنا، فلن نحزن إن لم تتذكروننا.. فالعابرون في حياتنا ليسوا هامشيين، إننا نتذكرهم كلما سمحت الذاكرة بذلك، وكلما اقتحموا ذاكرتنا بلا استئذان، فيدخلون بشكل لطيف معطرين بالدهشة، نتذكرهم على الرغم من مرورهم السريع في حياتنا، فلا تحزنوا إذا كنتم عابرين في حياة الآخرين، فربما يتذكرونكم، ولا تزدروا العابرون، فربما يقتحم أحدهم ذاكرتكم ليستوقفكم أكثر مما استوقفكم حين كان عابراً في حياتكم...

هو كاتب وصحفي مصري، ولد في 25 سبتمبر 1952 وتخرج من الكلية الحربية وشارك في ثلاث حروب مصرية وكان أحد ضباط حرب أكتوبر، درس القانون في كلية الحقوق والفلسفة في كلية الآداب، وكان يكتب في مجالي القصة القصيرة والشعر وله أعمال منشوره، منها كتاب «مصر على كف عفريت» الصادر عام 2009

كانت بداياته كاتباً صحفياً في جريده القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية والتي يرأس تحريرها الأستاذ صلاح عيسى، وكان يشرف على صفحة «مراسيل ومكاتيب للقراء»  وقبل وفاته كانت تنشر مقالاته في عدة صحف، وله عمود يومي تحت عنوان «تخاريف» في جريدة المصري اليوم يتابعه يوميا مئات الآلاف في مصر والوطن العربي من خلال الجريدة ومواقع إلكترونية عديدة تتداول العمود، كما كان يكتب في جريدة الأهالي الصادرة عن حزب التجمع الذي كان عضواً فيه.

قدم في كتاباته الساخرة روح التمرد وشفافية الصورة وقسوتها في آن واحد، وزهد في الحياة إلى حد الانعتاق، لم يبخل بإبداعه وجهده على أحد، فتوهج بأخلاقه الدمثة وحبه لجميع من عرفهم، من خلال مسيرة تزينت بالعفوية والجمال، وخطت لها طريقاً واضحاً ومميزاً وسط الزحام، مثل شجرة شامخة ضربت جذورها في الأرض وتعلقت أغصانها بالسماء، نشأ تحت ظلالها الوارفة الكثير من الكتاب، حيث منحتهم ثمارها بحب، وزودتهم بكل ما يحتاج إليه الراغب.

في كتاباته ربط غنى الأغنياء بفقر الفقراء، وتحمل فيها مسؤلية إنسانية وأخلاقية تجاه الفقراء، لا من باب الشفقة والعطف والكرم والإحسان، بل من باب الواجب الإنساني والاجتماعي الذي يفرض على كل ذي مقدرة أن يستخدمها في سبيل الخير والمنفعة العامة، وإلا تحول غناه ترفاً لا يسمن ولا يغني من جوع، وبات المال مالكاً له بدل أن يكون هو المالك.

ابتدع  مدرسة جديدة في فن الكتابة الساخرة تعتمد على التداعي الحر للأفكار والتكثيف الشديد، وطرح عدداً كبيراً من الأفكار في المقال الواحد وربطها معاً بشكل غير قابل للتفكيك، بحيث تصير المقالة وحدة واحدة شديدة التماسك على الرغم من احتواءها على أفكار منفصلة عن بعضها، كما يتميز أسلوبه باحتواءه على الكثير من التوريات الرائعة التي تشد انتباه القارئ حتى نهاية المقال، كما أنها تفتح مداركه على حقائق ربما غابت عنه.

يُعد أحد أهم الكُتاب الساخرين في مصر والعالم العربي ، توفي في مثل هذا اليوم 12 فبراير  2012 أثر أزمة قلبية أثناء مشاركته في مظاهرة مناهضة لحكم العسكر، وبوفاته لم يعد على الباب موجة ولم يعد للصبر حصاة، حتى الأرض آثرت الصمت على الكلام، فقد رحل كاتب وشاعر البحر والعشق  ذي القلب الأبيض الكبير، ابن الاسكندرية الذي قاد ركب التجديد في الكتابة الساخرة، "جلال عامر" الذي حمل في يد راية مما نهل وتعلم، وفي الأخرى موهبته الفذة المترفقة، فسطر في ذاكرة الكتابة الساخرة علامات ستظل فنارات لا تنطفىء، تهدتدي بنورها قوافل الأجيال القادمة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق