يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

جمهورية الورق

نشرته في موقع يلا تغيير وجريدة أهالي الدرب الأحمر

دائماً نسأل انفسنا سؤالاً تقليدياً، لماذا لم ننجح أسوة ببقية شعوب الأرض في بناء بلدان عصرية متقدمة، عمادها الأساسي المواطن؟

والإجابة تكمن في تصرفات وسلوكيات وذهنيات، إذ أن بناء البلدان يبدأ من ابسط الأمور ومن اصغرها ومن لا يحترم المواطن لن يحترمه في امور أخرى أشد وأدهى، وحين نسكت عن حقنا في مسائل نظنها صغيرة وبسيطة وعابرة، فإن صراخنا لن ينفع حين يتم خرق القانون في القضايا الكبيرة والجوهرية.

منذ ايام توجهت للمرور الذي تتبع له سيارتي كي اجدد الترخيص، وكانت إجراءات التجديد بالنسبة لي رحلة عذاب، في البداية اشتريت ملف الفحص ووقفت بالسيارة في طابور السيارات لمدة ساعة حتى جاء دوري وتم الفحص وانتهيت من اول إجراء، ثم توجهت لنيابة المرور لأدفع المخالافات ثم علمت بأن عليّ أن احضر طلب بيانات فرجعت للمرور مرة اخرى واشتريت الطلب وعدت إلى النيابة ووقفت في الطابور، وحين وصلت للشباك قال لي الموظف عليك أن ترجع للمرور لتختم الطلب من ضابط الوحدة، فتعجبت لأنه كان على بائع الطلابات أن يرشد من يشتري منه، أو تباع وهي مختومة مثلاً فرجعت مرة اخرى للمرور وختمت الطلب من الضابط وعدت للنيابة انتظر دوري من جديد ووصلت للشباك وسلمت الأوراق وانتظرت لمدة نصف ساعة حتى نادوا على اسمي فدفعت رسوم الكمبيوتر فقط لأني والحمد لله لم يكن عليّ اي مخالفة، واستغربت اننا ندفع رسوم هي قيمة للإطلاع فقط على بيانات المخالافات برغم اننا نشتري طلب البيانات، فسألت الموظف عن السبب فقال هذا مقابل ملء الطلب، فقلت له: أليس الدولة تعطيكم راتباً لعملكم وملء الطلب شيء من العمل، فكان جوابه (أهي كده بقى) وبإستلامي شهادة المخالافات انهيت الإجراء الثاني ورجعت للمرور والغريب أن مبنى وحدة المرور بجوار مبنى النيابة وبينهما باب حديدي من داخل الفناء ولكن كي تشتري طلب البيانات عليك أن تخرج من بوابة النيابة وتسير حوالي 200 متر لتدخل بوابة وحدة المرور لتشتري الطلب وتختمه من الضابط ثم تعود نفس المسافة للشباك الذي ستدفع فيه المخالافات، وهذا إهدار للوقت وتعب بالنسبة لكبار السن، ثم دفعت التأمين الإجباري برغم اني أدفع سنوياً مبلغاً من المال لإحدى شركات التأمين، ثم توجهت للموظف الذي يقدر الضريبة والذي قدر عليّ ضريبة وثلث، غرامة لأني تأخرت لأكثر من شهر في التجديد هذه طبعاً اوامر وزارة المالية، ولكني كنت سعيداً وسبب سعادتي أن الموظف كان الوحيد من زملائه رحيماً بكبار السن الذين جاءوه بطلاباتهم، حيث كان يفتح لهم مكتبه ويجلسهم بعد رحلة العناء التي لاقوها برغم أنهم لم يصلوا إلا لنصفها.

ثم توجهت للخزنة كي ادفع الضريبة وكان الزحام كثيرجداً ووقفت بالدور لأكثر من ساعة حتى جاء موعد إغلاق الخزنة والتي تغلق قبل نهاية الدوام بساعة، وقال الموظف من لم يتمكن من الدفع اليوم يأتي غداً باكراً وكأن المواطنين ليس وراءهم أشغال، فانصرفت وعدت في اليوم الثاني لأقف من جديد في الطابور حتى وصلت للشباك بعد ساعة ونصف ودفعة الضريبة واستلمت الإيصال وأنا استغرب لماذا لا يكون على شباك الخزنة أكثر من موظف كي يسرعون في تأدية خدمات المواطنين الذين يدفعون لموظفي الجباية الكثير من الضرائب، بدلاً من إنتظارهم في الطابور لعدة ساعات، فقلت ربما لايجدون من يريد العمل حيث أن فرص العمل كثيرة ومتاحة لديهم لكنهم لا يجدون أحد، وهكذا انتهيت من الإجراء قبل الأخير، ثم سلمت جميع الأوراق من ملف الفحص وشهادة المخالافات وايصال دفع الضريبة واعانة شتاء واعانة صيف والرخصة القديمة وانتظرت في الإستراحة حتى ينادوا على اسمي، وكانت الإستراحة مليئة بالمواطنين والمواطنات شبان وكبار السن وبعضهم عجزة وكان الجو حار جداً، وطال انتظاري لنصف ساعة حتى نودي على اسمي فتسلمت الرخصة الجديدة وتنفست الصعداء بعد نهاية رحلة الذل والمهانة والعذاب، ولكن قبل مغادرتي توجهت لمكتب رئيس الوحدة لمقابلته فسألني حاجبه على الباب وهو عسكري مجند في الخدمة العسكرية، اقوله مين: فأجبته احد المواطنين فدخل يستأذن لي ثم عاد وقال انتظر حتى ينهي مكالمته (الباشا معاه تيليفون)وطال انتظاري لعشر دقائق وانا مصمم ان اقابله، وحين دخلت مكتبه وجدته جالساً لا يبالي لأحد في الخارج (جالس تحت التكييف والكل بره يتحرق) فسألني اي خدمة فقلت له عندي اقتراح صغير للحكومة الذكية التي ربطة وميكنة كل شيء في الدولة ما عدى تراخيص المرور، لماذا لا تربط وتُميكن أجهزتكم مع أجهزة نيابة المرور ويتقدم المواطن بأوراقه لموظف واحد يستخدم جهاز واحد عليه كل البيانات من مخالفات وضريبة محددة وكل ما يتعلق بالسيارة رحمة وتخفيف من عبىء المواطن؟ فقال قريباً سيتم ذلك.

كانت هذه بعض من المعاناة التي نعاني منها في المصالح الحكومية، فما بالك لو كان عليك استخراج او انهاء معاملات في التأمينات او الصحة او التعليم او التموين .....

المسؤولين يقولون مصر في تقدم وبناء، ولكن من بداهة البناء أن يوضع حجر الأساس من تحت لا من فوق لكن ما العمل إذا كانت جماعة تحت صامتين وجماعة فوق نائمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق