يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

املاً في مستقبل افضل


نشرته في جريدة شبابنا

مر عام على تولي الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" الذي فاز قبل مرورعام على توليه الرئاسة بجائزة نوبل للسلام لعام 2009، والتي فاجأت أغلبية المراقبين الذين تساءلوا عن سبب منح تلك الجائزة لشخص لم يفعل شيئاً يستحق أن ينال عليه الجائزة, وكان أوباما قد فوجيء بدوره بحصوله على الجائزة, إلا أنه قبلها بتواضع معتبراً إياها نداءاً إلى العمل ودعوى إلى دول العالم كي تتحرك لمواجهة تحديات القرن 21 على الرغم من إعترافه بأنه لا يستحقها مقارنة بالفائزين السابقين، وجاء قرار منح أوباما تقديراً لإعطائه للعالم أملاً في مستقبل أفضل من خلال عمله من أجل السلام وخفض المخزون العالمي للأسلحة النووية وجهوده غير العادية في تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب.

وبحصول أوباما على الجائزة يصبح رابع رئيس أمريكي يفوز بنوبل للسلام, وثاني رئيس أمريكي ينالها وهو لا يزال في الحكم حيث فاز بها أيضاً الرئيس الأسبق "وودرو ويلسون" عام 1919 وكان لايزال في الحكم وذلك عرفاناً ببرنامجه للسلام المكون من 14 نقطة وسعيه إلى إدماجها في ميثاق عصبة الأمم المتحدة في معاهدة فرساي عام 1919 في نهاية الحرب العالمية الأولى, كما نالها الرئيس الأسبق "تيودور روزفلت" عام 1906 لدوره في إنهاء حرب 1905 بين روسيا واليابان, حيث أثمرت جهوده في توقيع معاهدة "بورتسماوث" للسلام في 25 سبتمبر 1905 بمدينة بورتسماوث الأمريكية, وقد فاز بها أيضاً الرئيس الأسبق " جيمي كارتر" عام 2002 نظراً لعمله على إيجاد حلول سلمية للصراعات الدولية وتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان وتشجيعه للتنمية الإقتصادية والإجتماعية في العالم، إلا أن سلوك أوباما يختلف عن سلوك كارتر الذي قام على إيجاد حل لجزء من الصراع العربي الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، حيث قام بإبرام معاهدة السلام بين مصر و إسرائيل في 26 مارس عام 1979.

ولكن هل حقاً أوباما يستحق الجائزة؟ ربما نعم, لأنه رجل قادر على الوصول الى الجماهير وأتذكر حينما قال في كتابه

"جراءة الأمل" أن زوجته تتصل به خلال أوقات عمله لتستنجد به من وجود النمل في بيتهم, وفي هذا المضمون جزء من الذكاء السياسي الذي يجعل العالم يطمئن إلى وجود رجل مثله على كرسي الحكم, وحديثه أيضاً عن إضطراره للسفر بالطائرة لواشنطن أسبوعياً وأمنيته الدائمة في الجلوس بالدرجة السياحية في مقعد يحاذي النافذه, وهذه إشارة موحية إلى أنه إنسان متطلع للبعيد؟

لقد دعى أوباما إلى نمط جديد في السياسة والتغيير ومن تابعه قبل أن يكون رئيساً عندما كان طالباً في كلية الحقوق, ثم إنتخابه كأول رئيس أسود لمجلة "هارفاردلو", ثم وصوله لمجلس الشيوخ وحديثه عن الدستور الذي كتب فيه أصغر وأدق التفاصيل, يستطيع أن يرى أسلوب تفكيره والقوة التي وضعته أمام تحقيق هدف كسب الإنتخابات في أكبر دولة بالعالم.

ولكن موقفه نحو إسرائيل يشوبه بعض الغموض، والأيام القادمة ستكشف إن كان إستحق الجائزة أم لا وفي التاريخ سيكون هناك من يعلقون على ذلك مثلما علق "جابرييل جرسيا ماركيز" الحاصل على نوبل في الأدب عام 1982 على فوز السادات وبيجن بنوبل للسلام, حيث قال الرجلان إقتسما الجائزة لكن المصير إختلف من أحدهما للأخر, الإتفاقية ترتب عليها بالنسبة للسادات إنفجار بركان الغضب داخل جميع الدول العربية, فضلاً عن أنه دفع حياته ثمناً لها ذات صباح من أكتوبر 1981, أما بالنسبة إلى " بيجن" فقد كانت الإتفاقية بمثابة الضوء الأخضر ليستمر في تحقيق المشروع الصهيوني الذي لا يزال يمضي قدماً, كما أعطته نوبل الغطاء اللازم حتى يذبح بسلام 2000 من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات بيروت.

إن أوباما رجل سياسي يدير مصير أقوى دولة في العالم, وهو مثال للنجاح في الإقتراب للجماهير وليس الإبتعاد عنهم كما يفعل السياسيون هذه الأيام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق