يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

المرايا السياسية

نشرته بمجلة ائتلاف شباب الثورة

موقفنا من المرآة يعكس مدى رضانا عن أشكالنا، فنحبها عندما تعكس جمالنا، ونمقتها عندما تظهر "لن أقول قبحنا" خللاً ما في وجوهنا، لكن تُرى ماذا لو عكست المرايا نفسياتنا ودواخلنا وليس وجوهنا، هل كنا سنقف أمامها؟

المرآة التي تسألنا بدورها لمن نتجمل؟ ولكن لا نعلم أننا نبقى عراة بلا ثياب، مهما لبسنا على أجسادنا من أقمشة، عراة لكوننا مكشوفين لكل المرايا، فالمرايا كاشفة لمشاعرنا وتشاركنا حياتنا، من مرآة الدولاب التي نتحير أمامها بما سنرتديه، مروراً بمرآة المصعد الكهربائي التي نستكشف فيها أسناننا، ونتحسس زاوية فمنا من لطخة ما، وصولاً إلى حملقتنا في مرآة السيارة لننظر فيها لشعرنا، كل هذه المرايا نُطالعها ونحن في الطريق إلى مرآة عيون الناس، المرآة التي تختذل كل المرايا السابقة.

فهناك أقنعة يرتديها البعض أمام أعين الناس، أقنعة مقيتة، يرتديها صاحبها في حقل من حقول المعرفة، فما إن يُسأل عن موضوع حتى يقوم باستعراض اطلاعه ومعرفته وبالحديث الذي يفضحه، وكما قال الفلاسفة "تكلم حتى أراك" فحين يتكلم يكشفه زيفه، وندرك أنه أشبه ما يكون بالطبل الذي يرن فقط، من جلد وفراغ، ولولا الفراغ لما كان هناك صوت للطبل، وهذه الشريحة من البشر قد تخدع الآخرين، ولكنها تخدع بالواقع من هم أقل الناس معرفة، وتنجح كثيراً هذه النوعية من البشر في أن تكون شيئاً، بينما هي لا تملك من المعرفة ما يؤهلها لذلك.

وهذا ينطبق على بعض السياسيون، أو من يدعون أنهم سياسيون، نراهم يهاجمون الشباب ولا يأخذون برأيهم، بحجة صغر سنهم وأنهم لم ينضجوا بعد، نسوا أو تناسوا أن هؤلاء الشباب قاموا بما لم يقدروا هم على القيام به على مدار أكثر من ثلاث،

أو كما تقول الكاتبة والشاعرة الأمريكية "مايا آنجليو" الملقبة بالأسطورة، فهي تقول حقيقة يتجاهلها الكثيرون:( كل كائن بشري يدفع الكثير في مرحلة نضجه، لكن أغلب الناس لا ينضجون، حيث يصبح في إمكانهم الحصول على بطاقات ائتمان، وأمكنة لإيقاف سياراتهم، ويتزوجون وينجبون، لكنهم لا ينضجون فعلاً، إنهم يكبرون فقط، فالنضج يكلف غالياً جداً، النضج يعني أن تتحمل مسؤلية الوقت الذي تستغرقه، والفراغ الذي تحتله، والعمل الجاد، فعلينا أن نواجه الكثير من الهزائم، لكن لا ينبغي أن نهزم، أعتقد أن الألماسة هي نتاج الكثير من الضغط والكثير من الوقت، أعطها وقتاً أقل وستحصل على الكريستال بدلاً من ذلك، وبوقت أقل ستحصل على الفحم، وبوقت أقل ستحصل على مستحثات أوراق، وبوقت أقل ستحصل على مجرد نفايات)

والسياسيون العظام، لا يصبحون عظماء إلا حين يتحدثون الحقيقة، ولا يصبحون من العظماء إلا بقول الحقيقة،

نحب بعض السياسيين لأنهم يشبهوننا، لأنهم يتسمون بالبساطة الشديدة التي تجعلهم جزءاً من نسيج المجتمع ومن عموم أفراد الشعب، لا يختلفون عنهم في شيء، السياسيون الحقيقيون هم الذين لا يتغيرون ولا يتكبرون، ولا يصنعون لأنفسهم صورة أخرى تختلف عن بيئتهم، وتكون أقدامهم دائماً على الأرض مهما ارتفعت هاماتهم، ومنهم السياسيين الذي لا يحلقون في السماء، لكنهم على الدوام على الأرض مع الناس، يحملون همومهم وقضاياهم ويتحدثون باسمهم، لا ينفصلون عنهم، ولم يفقدوا علاقتهم مع البيئة البسيطة التي ينتمون إليها، فهم صورة للشباب العربي على وجه العموم، والمصري على وجه الخصوص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق