يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

حديثا العام الجديد



نشرته في جريدة شبابنا

قال الكاتب الكبير احسان عبد القدوس:"إن الحديث متعة كبيرة والاستماع متعة كبيرة، ولكن اغلب الناس لا يتذوقون هاتين المتعتين، او لا يدرون كيف يتذوقونها"

واليوم في كل اجتماعاتنا او زياراتنا نجد كل اثنين يتحدثان في موضوع على حده، فإذا كان هناك ستت حاضرين نجد أن هناك ثلاث موضوعات على الاقل تبحث في وقت واحد، والحديث الممتع ليس هو الحديث الذي يدور حول سيرة الناس وليس هو الحديث الذي يثير الضحكات وتتخلله نكات مفتعلة وخفة دم متعمدة ابداً، إن الحديث الممتع هو الذي يدور حول موضوعات تهم السامعين وهي كثيرة جداً، وإن الطريق دائماً مفتوح للولوج في قلوب الناس اذا وجد المفتاح المناسب، والمفتاح المناسب هو الموضوع الذي يهمهم، وحتى نتمكن من استخدام مفاتيح الموضوعات نحتاج إلى مساعدة، والمساعدة هي الإصغاء، والإصغاء فن لا يقل اهمية عن فن الحديث، ومن يصغي للناس ويتعرف على مشاكلهم ويكتب عنهم سيلج لقلوبهم.

ومع بداية العام الجديد يكثر الحديث عن الآمال والطموحات والأمنيات، وأكثر الأحاديث التي دارت، حادث الاسكندرية والوعود التي اطلقها مرشحي الشعب واصبحوا نواب في البرلمان.

بالنسبة لحادث الاسكندرية الذي نتمنى أن لا يتكرر فالسبب هو بذور شيطانية نمت أشجاراً من زقوم، لتسمم ثمارها جسد وحدتنا الوطنية، وتشعل فروعها نيران يكتوي بها المصريين اقباط ومسلمين، ولكن على الأقباط والمسلمين أن لا يكونوا متشددين في الحديث عن ذلك الموضوع، فالله عز وجل يقول في الإنجيل (طوبى للرحماء لأنهم يرحمون) و يقول ايضاً (طوبى لصانعي السلام لأنهم ابناء الله يدعون).

وفي القرآن (لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا*ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى*ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وانهم لا يستكبرون).

وفي الإنجيل (سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك، اما انا فأقول لكم احبوا اعدائكم باركوا لاعنيكوا احسنوا إلى مبغضيكم صلوا لأجل الذين يسيؤن إليكم ويطردونكم لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السموات).

وفي القرآن (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس).

وهذه الوسطية صالحة في كل شيء، وما اختلافاتنا إلا من انحرافنا عن الوسط أو الإعتدال إلى منطقة أكثر حدة، وينطبق هذا على أغلب الأمور في حياتنا، حيث يشكل الإعتدال المقوم الرئيسي لسلوكياتنا وتعاملاتنا مع الآخرين، ومع مشاعرنا التي أحوج أن تكون إلى الإعتدال والوسطية.

فحين نحزن على فقد احد لا بد أن يكون الحزن تحت سيطرتنا وإلا قتلنا، لا بد أن نحزن ولكن بشكل يليق بنا وبمشاعرنا، فلا نقتل أنفسنا حزناً ولا نتصرف كأن الحدث عابر، وهنا تكمن مرحلة الوعي التي تشكل أمراً حاسماً في ضبط سلوكياتنا، فحين نغضب من احد وهناك الكثير مما يستحق غضبنا، فلا يجب أن يأخذنا غضبنا إلى فعل شيء نندم عليه، كالإنتقام أو إلحاق الأذى بالآخرين، لابد من إبقاء الأبواب مفتوحة للعودة ومساحة تتسع للعتاب، فالمرحلة الوسط أكثر ما نفتقدها في مشاعر الحزن والغضب، حتى الحب والصداقة يجب أن يكون فيهما وسطية وإعتدال، فمهما كان الحب جارفاً فإن الإعتدال فيه يساعد على الحفاظ عليه، وكذلك الصداقة تدوم بالإعتدال وتخسر بالتطرف، فالتطرف في كل شيء مضر، فمن يريد التطرف في الدين فهو مخطء ومن يريد التطرف في حب مصر فهو ايضاً مخطء، فإن حدث صرعات سيكون سببها التطرف الذي سيمزق الوطن إلى عصبيات مذهبية وطائفية حادة.

أما بالنسبة لمن كانوا مرشحي الشعب وأصبحوا أعضاء في البرلمان واطلقوا وعودهم بحل مشاكل أهالي دائرتهم مع بداية العام الجديد 2011 نذكرهم بأن التغيير في رقم العام هو شأن خاص بتواريخ الشيكات في البنوك والمعاملات الحكومية فقط، أما في واقع الحال فإن العام الجديد يسير في شرايين العام الماضي ولا انفصال بينهما كما يعتقدون، فالطلاب لازالوا في العام الدراسي ذاته، ومشاعر الحب أو الصداقة لا تتغير بدخول عام جديد، فلا احد يقرر زياده فيهم لمجرد بدأ عام جديد، كما الحزن لا يرحل من قلب حزين بمناسبة العام الجديد.

لذلك نحن نذكركم، هل بدأتم بإنجاز ما وعدتم به أهالي دوائركم ؟

وإن لم تبدأوا فهل ستعدونهم بإنجاز ذلك مع بداية اعوام أخرى مثل الأعوام الصينية التي تسمى بأسماء الحيوانات كالثعبان أو الفأر و....

وبصرف النظر عن متى ستوفون بوعودكم، إن قرأتم هذا المقال ولا توجد لديكم النية للوفاء بوعودكم الآن، فاحتفظوا به لليوم الذي يناسبكم والعام الذي يتناسب معكم، وكل عام وانتم بخير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق