يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن

ثورة الغضب

نشرته في موقع اتحاد الشباب التقدمي

الزمان: الثلاثاء 25 يناير 2011 م ـ 20 صفر 1432 هـ

المكان: ميدان التحرير

قام بها: صفوة من شباب مصر المتحضرين

اهدافها: كبيرة ومشروعة

شعارها: الشعب يريد اسقاط النظام

اعدادها: مليونية

ثمنها: دماء ذكية لشباب وفية

شكلها: جميل ويشرف

صوتها: وصل للعالم كله

النتيجة النهائية: نجاح بنسبة 100%

امضاء: مصري

قُتلوا واطلق عليهم الرصاص الحي وسالت دماؤهم في الشوارع والميادين وهم يهتفون للحرية والعدالة الإجتماعية، نادوا من البداية بأنها سلمية ودافعوا عن حرية التعبير، منهم من كان يبحث عن فرصة عمل يوفرها لنفسه وغيره من الشبان، ومنهم من حاول انقاذ اصدقائه من اعتداءات البلطجية، ليدفع الكثير حياتهم ثمناً لنظام فاسد وضباط جبناء اطلقوا الرصاص الحي ليخترق اماكن مختلفة في اجسادهم.

منذ أن بدأت ايام الثورة وانا اضع يدي على جسدي اتحسسه كاملاً ابحث عن مكان اختباء روحي به، كي ألقنها قوله تعالى:"يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" خشية أن تخذلني روحي في لحظاتها الأخيرة فلا ترحل آمنة ولا مطمئنة.

كان الشارع المصري مثقل بألف وجع وخيبة وصور قاسية، وجع يخرج من انفعال الشباب وقهر العجائز والضياع الذي نراه في عيون الصغار والخوف في وجدان النساء، ثم جاءت صور اقسى من ضرب الشرطة والبلطجية بجميع الاسلحة للشعب اثناء خروجه للتظاهر سلمياً، الامر الذي ادا لسقوط عدد كبير من الشهداء الذين تدفقت دماؤهم في عروق الشعب لتكون الثورة، ثم جاءت الصور المتلاحقة من ميدان التحرير وامام نقابات الصحفيين والمحامين والعمال ومجالس الوزراء والشعب والشورى وماسبيرو بالقاهرة، ومحطة الرمل وميدان الجامع بالاسكندرية، وميدان المحطة بأسوان، ومباني المحافظات في السويس وبور سعيد و.....

صور تشع فرحاً بالثوار الذين يسعون للقمة العيش ومستوى لائق بكرامتهم الانسانية، إلى حرية تتيح لهم العيش بهناء وسكينة في بلدهم.

ونجح الثوار في احرج النظام وكشفه امام الرأي العام العالمي بأنه نظام ارهاب واجرام وقتل وسفك دماء، نجح الشباب في تعرية النظام اعلامياً حيث لم يتسع فضاء الإعلام المصري لأحداث الثورة ولم يحتمل بث الحقيقة ولا الرأي الآخر، ولولا الإعلام العربي وقنواته الفضائية الذي وقف بجانب الثورة اكثر من اعلامنا وقنواتنا المصرية لقتل معظم الثوار ودفنوا في مكانهم ولم يشعر بهم احد، لقد ضاقت مساحات الفضاء المفتوحة للقنوات المصرية عن تحمل احداث الثورة، وتقاعس رؤساء تحرير الصحف القومية الذين يتشدقون بالحرية على طريقتهم من أن يكتبوا شيء عن الثورة وأن التغيير قد بدأ، ما حدث كشف زيف الحرية الإعلامية وهشاشة ذلك الشعار وحقيقة الحرية المكفولة بكتابة واثارة القضايا الوهمية التي تشغل الرأي العام عن القضايا المصيرية، نادا النظام بحرية الرأي لكنها الحرية التي تقيد الصوت الآخر وتخرسه وتحاربه وتفرض عليه القيود، لقد غاب صوت الحقيقة بغياب احداث الثورة التي نجحت في تعرية النظام اعلامياً وسياسياً امام دول العالم التي اتخذت مواقف واضحة منه وطالبته بسرعة تسليم السلطة سلمياً.

البعض يقول لقد نجحت الثورة وحققتم بعض مطالبكم ولا دعي للإعتصام وتعطيل حركة الشارع، ويهاجموننا ويتهموننا بأننا تسببنا لهم بخسارات فادحة بدلاً من أن يشكروننا لأننا فعلنا هذا من اجلنا واجلهم، فهم مثل من سرقت منه حقيبة مليئة بأوراق هامة وفيها 20 جنيه فقط وعندما لحق شاب باللص واعاد الحقيبة لصاحبها، قال صاحبها له أين الـ 20 جنيه.

الإعتصام ليس غاية في ذاته إنه الوسيلة لا الهدف، الهدف الاستراتيجي هو اسقاط النظام الذي ينتظر منا أن ننحني امام اعصار محاولة سقوطه، لكننا لم ننحني حين كسر هرواته على ظهورنا واطلق رصاصه على صدورنا، فكيف سننحني امام اعصاره، وحين بدأت قائمة اسماء رموزه تنفرط كحبات عقد فتاة عفيفة اغتصب ذئاب الطريق عنقها، رحلت هي وبقيت حبات العقد تقص علينا تفاصيل الجريمة وبشاعتها.

رموز سياسية تزيل الثورة قناعها ويفضح النت ألم شعوبها، رموز يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته، وما اكثر الذين قتلوا القتيل ومشوا في جنازته، ملأوا بالرماد عيون ايامنا وغرسوا خناجرهم في ظهر اعمارنا ومزقوا ايامنا لأشلاء، وادرجوا اسماءنا في قائمة الوفيات وواروا تراب الحزن على قلوبنا، ووضعوا ورودهم على جثمان احلامنا ونصبوا خيام العزاء بنا بعد أن يتموا اطفالنا.

لكن على الرغم من اهمية ما تحقق وعلى الرغم من ضرورة فضح النظام وكشف المزيد من ممارساته الاجرامية امام الرأي العام العالمي الذي بات اكثر ادراكاً ودراية بطبيعة النظام الفاسد، علينا عدم الاكتفاء بالنجاحات التي حققناها من مطالبنا على الرغم من ضروراتها في سياق الصراع الضاري مع النظام الظالم، وعلينا أن نتذكر بأن هذا النظام لازال قائماً بوجوه اخرى وعلينا اسقاطه، وعلينا أن لا نثق بأي وعد يقطعه هذا النظام على نفسه، ولنتذكر رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل الذي نُسب إليه اشهر تعليق عن الكذب حين سألوه في مجلس العموم ولم يجب اجابة صحيحة وكذب على المجلس، وحين تمت مواجهته بالحقيقة قال:"انا لم اكذب ولكنني اقتصدت بالحقيقة" واعتبر هذا المصطلح السياسي من اشهر التعريفات للكذب الدبلوماسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق